الوحي النازل في الثقل الأصغر
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، الحمدُ للهِ الذّي هدانا بهدايته، ومنّ علينا بالإيمان بوحدانيته، وأنعم علينا بخاصّه وخالصته، خاتم أنبيائه، وسيّد بريته محمّد المصطفى (صلَّى الله عليه وآله) وأهل بيته وعترته، الذين أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
ممّا “لا شكّ [فيه] أنّ الذي بين الدّفتين من القرآن، جميعه كلام الله (سبحانه وتعالى) وتنزيله، وليس فيه شيء من كلام البشر، وهو جمهور المنزل.
والباقي مما أنزله الله (سبحانه وتعالى) عند المستحفظ للشريعة، المستودع للأحكام، لم يضع منه شيء. وإن كان الذي جمع ما بين الدّفتين الآن لم يجعله في جملة ما جُمع، لأسباب دعته إلى ذلك: منها: قصوره عن معرفة بعضه. ومنها: شكّه فيه وعدم تيقّنه. ومنها: ما تعمد إخراجه منه.
وقد جمع أمير المؤمنين (عليه السلام) المنزل من أوّله إلى آخره، وألّفه بحسب ما وجب من تأليفه، فقدم المكي على المدني، والمنسوخ على الناسخ، ووضع كلّ شيء منه في محلّه”(1).
أَنْحاءُ النُّزولِ والمُنزلُ من عالم الأنوار على سيد الأبرار (صلَّى الله عليه وآله)، على أنحاء يُمكن تقسيمه إلى ثلاثة، ويمكن حمل معنى النّزول في بعض النصوص عليها جميعاً أو على بعضها: النّحو الأول: القرآن، و”هو الكلام المنزل بألفاظه المعيّنة في ترتيبها المعيّن للإعجاز بسورة منه”(2).
أو قل: “كلام يوحيه الله سبحانه إلى النبيّ (صلَّى الله عليه وآله) معنىً ولفظاً، فيتلّقاه النبيّ من روح القدس مرتّباً، ويسمعه من العالم العلويّ منظّماً”(3).
النّحو الثاني: الحديث القدسيّ، و”هو الكلام المنزل بألفاظه بعينها، في ترتيبها بعينه، لا لغرض الإعجاز”(4). أو قل: “كلام يوحى إلى النبيّ معناه فيجري الله على لسانه في العبارة عنه ألفاظاً مخصوصةً في ترتيب مخصوص، ليس للنبيّ أن يبدّلها ألفاظاً غيرها، أو ترتيباً غيره”(5).
النّحو الثّالث: الحديث النبويّ، و”هو الكلام الموحى إليه (صلَّى الله عليه وآله) بمعناه، لا بألفاظه”(6)، فيعبّر عنه (صلَّى الله عليه وآله) بحيث يشاء، كيف يشاء.
وجميع هذه الأنحاء داخلة تحت قوله (سبحانه وتعالى): {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى}(7).
آفاق معنى المُنزل ووفق ما ذُكر يتضح معنى مثل ما ورد عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إِنَّ الْقُرْآنَ الَّذِي جَاءَ بِهِ جبْرَئِيلُ (عليه السلام) إِلَى مُحَمَّدٍ (صلَّى الله عليه وآله) سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ آيَةٍ»(8).
ويزيده وضوحاً ما بينّه الصّدوق (رحمه الله)، قال: «إنّهُ قد نزل الوحيُ الذي ليسَ بقرآنٍ، ما لو جمع إلى القرآن لكان مبلغه مقدار سبعة عشر ألف آية.
وذلك مثل قول جبرئيل للنبي (صلَّى الله عليه وآله): إنَّ اللهَ (سبحانه وتعالى) يقول لك: «يَا مُحَمَّدٌ، [رَبُّكَ يُقْرِئُكَ السَّلامُ وَيَقٌولُ لكَ] دَارِ خَلْقِي»(9).
ومثل قوله: «[يَا مُحَمَّدُ]، اتّقِ شَحْنَاءَ النَّاسَ [الرّجَالَ] وَعَدَاوَتَهُم»(10).
ومثل قوله: «[يَا مُحّمَّدُ]، عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، وَأَحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقَهُ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ لاقِيهِ»(11).
[ومثل قول أبي عبد الله (عليه السلام)]: «شَرَفُ الْمُؤْمِنِ صَلاتُهُ بِاللَّيْلِ، وَعِزُّهُ كَفُّ الأَذَى عَنِ النَّاسِ»(12). ومثل قول النبي (صلَّى الله عليه وآله): «مَا زَالَ جبرئيل يُوصِينِي بِِالسِّوَاكِ حَتَّى خِفْتُ أَنْ أحْفِيَ أَوْ أَدْرَدَ.
وَمَا زَالَ يُوْصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرّثَهُ. وَمَا زَالَ يُوْصِينِي بِالْمَرْأَةِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ لا يَنْبَغِي طَلاقُهَا.
وَمَا زَالَ يُوْصِينِي بِالْمَمْلُوكِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيَضْرِبُ لَهُ أَجَلاً يُعْتَقُ بِهِ»(13).
ومثل قول جبرئيل (عليه السلام) للنبي (صلَّى الله عليه وآله) حين فرغ من غزوة الخندق: «يا محمد، إنَّ اللهَ يَأْمُرُكَ أَنْ لا تُصَلِّي الْعَصْرَ إِلا بِبَنِي قُرَيْظَةَ»(14).
ومثل قوله (صلَّى الله عليه وآله): «أَمَرَنِي رَبِّي بِمُدَارَاةِ النَّاسِ كَمَا أَمَرَنِي بِأَدَاءِ الْفَرَائِضِ»(15).
ومثل قوله (صلَّى الله عليه وآله): «إِنَّا مَعَاشِرَ الأَنْبِيَاءِ أُمِرْنَا أَنْ نُكَلِّمَ النَّاسَ عَلَى ِقدَرِ عُقُولِهِمْ»(16).
ومثل قوله (صلَّى الله عليه وآله): «إِنَّ جَبْرَئِيلَ أَتَانِي مِنْ قِبَلِ رَبِّي بِأَمْرٍ قَرَّتْ بِهِ عَيْنِي، وَفَرِحَ بِهِ صَدْرِي وَقَلْبِي، يَقُولُ: إِنَّ عَلِيَّاً أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ»(17).
ومثل قوله (صلَّى الله عليه وآله): «نزل عليَّ جبرئيل فقال: يا محمد إنّ الله تعالى قد زوج فاطمة علياً من فوق عرشه، وأشهد على ذلك خيار ملائكته، فزوّجها منه في الأرض، وأشهد على ذلك خيار أمتك».
“ومثل هذا كثير، كله وحيٌ ليس بقرآن، ولو كان قرآنا لكان مقروناً به، وموصلاً إليه غير مفصول عنه، كما كان أمير المؤمنين (عليه السلام) جمعه، فلما جاءهم به قال: «هذا كتاب ربكم كما أنزل على نبيكم، لم يزد فيه حرف، ولم ينقص منه حرف». فقالوا: لا حاجة لنا فيه، عندنا مثل الذي عندك.
فانصرف وهو يقول: {فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}”(18)(19).
أقسام المثبت في المصحف فما أنزل عن طريق الوحي: قسمان مثبتان في المصحف: الأول: جزء من القرآن، وهو عين القرآن الذي بيناه في النّحو الأول. والثاني: تفسير للقرآن وليس جزءاً منه، كتلك الأسماء المُفسرة للذين كفروا وأشركوا.
ويؤكد هذا المعنى ما عن أحمد بن محمد بن أبي نصر [البزنطي] قال: «دَفَعَ إِلَيَّ أَبُو الْحَسَنِ (عليه السلام) مُصْحَفَاً وَقَالَ: «لا تَنْظُرْ فِيهِ، فَفَتَحْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيهِ: «لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا»(20)، فَوَجَدْتُ فِيهَا اسْمَ سَبْعِينَ رَجُلاً مِنْ قُرَيْشٌ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ.
قَالَ: فَبَعَثَ إِلَيَّ ابْعَثْ إِلَيَّ بِالْمُصْحَفِ»(21). فهذا النّص يُشير إلى أنّ الأسماء ذُكرت في المصحف.
ويُساعد على الحمل التفسيري لهذه الأسماء وعدم جزئيتها في القرآن، أنّ عدم ذكر آل البيت (عليه السلام) بالاسم في القرآن، كان محل إثارة وتساؤل في الوسط الإيماني، وذلك كما يُشير إليه خبر أبو بصير، عن أبي جعفر (صلَّى الله عليه وآله) في قول الله (سبحانه وتعالى): «أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ»(22).
قال: «نَزَلَتْ فِي عَلي بن أبي طالب (عليه السلام).
قلت له: إنّ الناس يقولون لنا: فما منعه أن يسمي علياً وأهل بيته في كتابه؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام) قولوا لهم: إنّ الله أنزل على رسوله الصلاة، ولم يسم ثلاثاً، ولا أربعاً، حتى كان رسول الله هو الذي فسّر ذلك لهم [ونزل عليه الزكاة، ولم يسم لهم من كل أربعين درهما حتى كان رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)]، وأنزل الحج فلم ينزل طوفوا أسبوعاً حتى فسّر ذلك لهم رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) وأنزل: «أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ»(23). نزلت في علي والحسن والحسين (عليهم السلام).
وقال (صلَّى الله عليه وآله) في علي: «من كنت مولاه فعلي مولاه».
فقال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): «أوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي، إنّي سألت الله أن لا يفرق بينهما، حتى يوردهما علي الحوض، فأعطاني ذلك، فلا تعلموهم، فإنّهم أعلم منكم، إنّهم لن يخرجوكم من باب هدى، ولن يدخلوكم في باب ضلال».
ولو سكت رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، ولم يبين أهلها، لادعاها آل عباس، وآل عقيل، وآل فلان، وآل فلان! ولكن أنزل الله (سبحانه وتعالى) في كتابه: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»(24)، فكان علي والحسن والحسين وفاطمة (عليها السلام) تأويل هذه الآية، فأخذ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) بيد علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، فأدخلهم تحت الكساء في بيت أم سلمة، وقال: «اللهم إنّ لكل نبيّ ثِقْلاً وأَهْلاً، فهؤلاء ثقلي وأهلي.
فقالت أم سلمة: ألست من أهلك؟ قال: إنّك إلى خير، ولكن هؤلاء ثقلي وأهلي».
فلما قبض رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، كان علي (عليه السلام) أولى الناس بها، لكبره، ولما بلّغ رسول الله فأقامه وأخذ بيده.
فلما حضر علي (عليه السلام) لم يستطع، ولم يكن ليفعل أن يدخل محمد بن علي، ولا العباس بن علي، ولا أحداً من ولده، إذاً لقال الحسن والحسين (عليهم السلام): أنزل الله (سبحانه وتعالى) فينا، كما أنزل فيك، وأمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك: وبلغ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) فينا، كما بلغ فيك، وأذهب عنا الرجس كما أذهبه عنك.
فلما مضى علي (عليه السلام)، كان الحسن أولى بها لكبره، فلما حضر الحسن بن عليّ، لم يستطع ولم يكن ليفعل أن يقول: «وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ»(25).
فيجعلها لولده، إذاً لقال الحسين (عليه السلام): أنزله الله فِيَّ كما أنزل فيك وفي أبيك، وأمر بطاعتي كما أمر بطاعتك وطاعة أبيك، وأذهب الرجس عنّي كما أذهب عنك وعن أبيك.
فلما أن صارت إلى الحسين (عليه السلام) لم يبق أحد يستطيع أن يدعي كما يدعي هو على أبيه وعلى أخيه، فلما أن صارت إلى الحسين جرى تأويل قوله تعالى: «وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ»(26).
«ثُمَّ صَارَتْ مِنْ بَعْدِ الْحُسَيْنِ إِلَى عَلِيِّ بنِ الْحُسَيْنِ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِ عَلِيِّ بنِ الْحُسَيْنِ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام): ﴿الرِّجْسَ﴾: هُوَ الشَّكُّ، وَالله لا نَشكُّ فِي دِينِنَا أَبَدَاً»(27).
فنجد أنّ النصّ واضح في أنّ الإمام (عليه السلام) قد أقرّ -ضمناً- بعدم ذكر أسمائهم صراحة في القرآن، من خلال مقارنتها بأعداد الصلوات والطواف ومقدار الزكاة، فإنّها وإن ذكرت في القرآن كجزء منه، إلاّ أنّ تفسيرها وتأويلها قد ذُكر من النبي (صلَّى الله عليه وآله)، وكلامه (صلَّى الله عليه وآله) وحيٌّ من السماء «وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى»(28).
فأسماؤهم (عليهم الصلاة والسلام) ذُكرت في المصحف الذي جمعه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، باعتبارها وحيٌّ من السّماء، وكتفسير للقرآن وليس كجزءٍ منه.
أنماط الوحي النّازل في المعصومين النّاظر في الرّوايات –بحسب الاستقراء النّاقص- يجد أنّ الوحي نزل في أهل البيت (عليهم السلام) على أنماط، منها الآتي: النّمط الأوّل: ما نَزل كسبب للنّزول: عن مجاهد قال: “نزلت في عليّ (عليه السلام) سبعون آيةً ما شركه في فضلها أحد”(29).
وعن عبد الرّحمن بن أبي ليلى قال: “نزلت في عليّ (عليه السلام) ثمانون آيةً صفواً في كتاب الله (عزَّ وجلَّ) ما شركه فيها أحد من هذه الأمّة”(30).
ويمكن التمثيل بما نزل في أمير المؤمنين (عليه السلام) وأهل بيته بآيتين: الآيةُ الأُولى: قوله (سبحانه وتعالى): {قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ}(31)، وقد وردت أخبار كثيرة في بيان نزولها في أمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمة المعصومين من ولده، منها ما عن عبد الله بن العجلان، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله (عزَّ وجلَّ): {قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ}(32).
قال: «نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ عَالِمِ هَذِهِ الأُمَّةِ، بَعْدَ رَسُولِ الله (صلَّى الله عليه وآله)»(33).
وعن مثنى قال: سألته عن قول الله (عزَّ وجلَّ): {وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَاب}(34).
قال: «نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ (صلَّى الله عليه وآله)، وَفِي الأَئِمَّةِ بَعْدَهُ»(35).
الآيةُ الثّانيةُ: قوله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً}(36) قد دلّت روايات عديدة على أنّها نزلت في أهل البيت (عليهم السلام) منها ما عن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كَانَ عِنْدَ فَاطِمَةَ (عليها السلام) شَعِيرٌ فَجَعَلُوهُ عَصِيدَةً، فَلَمَّا أَنْضَجُوهَا وَوَضَعُوهَا بَيْنَ أَيْدِيهِم، جَاءَ مِسْكِينٌ، فَقَالَ الْمِسْكِينُ: رَحِمَكُمَ اللهُ، أَطْعِمُونَا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ، فَقَامَ عَلِيٌّ (عليه السلام) فَأَعْطَاهُ ثِلْثَهَا.
فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ يَتِيمٌ، فَقَالَ الْيَتِيمُ: رَحِمَكُمَ اللهُ، أَطْعِمُونَا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ، فَقَامَ عَلِيٌّ (عليه السلام) فَأَعْطَاهُ ثلْثَهَا الثّانِي.
فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ أَسِيرٌ، فَقَالَ: الأَسِيرُ: رَحِمَكُمَ اللهُ، أَطْعِمُونَا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ، فَقَامَ عَلِيٌّ فَأَعْطَاهُ الثّلْثَ الْبَاقِي، وما ذاقوها، فأنزل الله فيهم هذه الآية إلى قولهِ: {وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً}(37)، وَهِيَ جَارِيَةٌ فِي كُلِّ مُؤْمِنٍ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ»(38).
النّمط الثاني: ما نزل كمعنى للآيات: يُمكن القول بأنّه قد يُستفاد من بعض النّصوص أنّ الله (عزَّ وجلَّ) قد أوحى إلى نبيه بأسماء الخلفاء من بعده، كما عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: «لَوْ قَدْ قُرِئَ الْقُرْآنُ كَمَا أَنْزَلَ لأَلْفَيْتَنَا فِيهِ مُسَمَّينَ»(39).
وعن سعيد بن الحسين الكندي، عن أبي جعفر (عليه السلام) بعد (مُسَمَّيْنَ): «كَمَا سُمِّيَ مَنْ قَبْلَنَا»(40). وعن إبراهيم بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: «إِنَّ فِي الْقُرْآنِ مَا مَضَى وَمَا يَحْدُثُ، وَمَا هُوَ كَائِنٌ، وَكَانَتْ فِيهِ أَسْمَاءُ الرِّجَالُ فَأُلْقِيَتْ، وَإِنَّمَا الاِسْمُ الْوَاحِدُ [مِنْهُ] فِي وُجُوهٍ لا تُحْصَى، تَعْرِفُ ذَلِكَ الْوُصَاةُ»(41).
ومن الأمثلة الجزئية يمكن التّمثيل بالآتي: المثالُ الأول: ما عن منخل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «نَزَلَ جَبْرَئِيلُ (عليه السلام) عَلَى مُحَمَّدٍ (صلَّى الله عليه وآله) بِهَذِهِ الآيَةِ هَكَذَا: {وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} فِي عَلِيٍّ {فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ}(42)»(43). و”قد أوضحنا فيما تقدم أنّ بعض التنزيل كان من قبيل التفسير للقرآن، وليس من القرآن نفسه، فلا بد من حمل هذه الروايات على أنّ ذكر أسماء الأئمة في التنزيل من هذا القبيل، وإذا لم يتم هذا الحمل فلا بد من طرح هذه الروايات، لمخالفتها للكتاب والسنة والأدلة المتقدمة على نفي التحريف.
وقد دلت الأخبار المتواترة على وجوب عرض الروايات على الكتاب والسنة، وأن ما خالف الكتاب منها يجب طرحه، وضربه على الجدار.
ومما يدل على أنّ اسم أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يذكر صريحاً في القرآن: حديث الغدير، فإنه صريح في أن النبي (صلَّى الله عليه وآله) إنما نصب عليا بأمر الله، وبعد أن ورد عليه التأكيد في ذلك، وبعد أن وعده الله بالعصمة من الناس، ولو كان اسم «علي» مذكوراً في القرآن، لم يحتج إلى ذلك النّصب، ولا إلى تهيئة ذلك الاجتماع الحافل بالمسلمين، ولما خشي رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) من إظهار ذلك، ليحتاج إلى التأكيد في أمر التبليغ”(44).
المثالُ الثّاني: ما عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: «قال تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ} كَلِمَاتٍ فِي مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَالأَئِمَّةِ (عليهم السلام) مِنْ ذُرّيَتِهِمْ ﴿فَنَسِيَ﴾(45)، هَكَذَا والله نَزَلَتْ عَلَى مُحَمَّدٍ (صلَّى الله عليه وآله)»(46).
فمعنى قولهم (عليه السلام) «كَذَا نَزَلَتْ»، في هذا الحديث ونظائره، أنّ المراد به: المعنى، “لا ما يفهمه النّاس من ظاهره، وليس مرادهم أنّها نزلت كذلك -في أصل القرآن- في اللفظ، فحذف ذلك، كذلك يخطر ببالي في تأويل تلك الأخبار إن صحت”(47).
النّمط الثّالثُ: ما نَزلَ كتأويل للآياتِ: و”التأويل من الأوْل، أي: الرّجوع إلى الأصل، ومنه: الموئل للموضع الذي يرجع إليه، وذلك هو: ردّ الشيء إلى الغاية المرادة منه”(48).
وإنّ القرآن “لم ينقص من كلمة ولا من آية ولا من سورة، ولكن حذف ما كان مثبتاً في مصحف أمير المؤمنين (عليه السلام) من تأويله، وتفسير معانيه، على حقيقة تنزيله، وذلك كان ثابتاً منزلاً، وإن لم يكن من جملة كلام الله (عزَّ وجلَّ) الذي هو القرآن المعجز، وقد يسمى تأويل القرآن قرآناً، قال الله (عزَّ وجلَّ): {وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً}(49)، فسمى تأويل القرآن قرآناً، وهذا ما ليس فيه بين أهل التفسير اختلاف”(50).
النمط الرّابع: ما نزل كجري ومِصداقٍ للآيات: وذلك كما عن ابن عباس في قوله (عزَّ وجلَّ): {وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةٌَ}(51).
قال: “نزلت الآية في علي [بن أبي طالب]، وحمزة [وجعفر]، وزيد”(52)، فالظاهر أنّ هذه الرواية من قبيل الأخذ بباطن المعنى أو الجري والتطبيق، بمعنى أنّهم وجدوا مضامين بعض الآيات تقبل الانطباق على بعض القصص الواقعة في زمن النبي (صلَّى الله عليه وآله)، فعُدّت سبباً لنزول الآية، لا بمعنى أنّ الآية نزلت وحدها ودفعة لحدوث تلك الواقعة، ورفع الشّبهة الطارئة من قبلها، وإلاّ فإنّ استفاضة الروايات على نزول سورة الأنعام دفعة، يأبى أن تُجعل الرواية من أسباب النّزول(53).
مقدارُ عددِ القرآنِ النَّازلِ فيهم (صلوات الله عليهم) الناظر في الروايات التي ذكرت تقسيمات ما نزل من القرآن في أهل البيت (عليهم السلام)، يجد اختلافاً بشأن مقدار ما نزل فيهم (عليهم السلام)، وهي على ثلاثة مقادير: المقدار الأوّلُ: ربع القرآن: كما عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ: «نَزَلَ الْقُرْآنُ أَرْبَعَةَ أَرْبَاعٍ: رُبُعٌ فِينَا.
ورُبُعٌ فِي عَدُوِّنَا. ورُبُعٌ سُنَنٌ وأَمْثَالٌ. ورُبُعٌ فَرَائِضُ وأَحْكَامٌ»(54).
وعن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَرْبَاعٍ: رُبُعٌ فِينَا، ورُبُعٌ فِي عَدُوِّنَا، ورُبُعٌ فَرَائِضُ وأَحْكَامٌ، ورُبُعٌ سُنَنٌ وأَمْثَالٌ، وَلَنَا كَرَائِمُ الْقُرْآنِ»(55).
وعن ابن عباس قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «نَزَلَ الْقُرْآنُ أَرْبَاعاً: رُبُعٌ فِينَا، ورُبُعٌ فِي عَدُوِّنَا، ورُبُعٌ سُنَنٌ وأَمْثَالٌ، ورُبُعٌ فَرَائِضُ وأَحْكَامٌ، وَلَنَا كَرَائِمُ الْقُرْآنِ»(56).
وعن ابن عباس، عن النّبي (صلَّى الله عليه وآله) قال -في حديث-: «اعْلَمُوا أَنَّ الْقُرْآنُ أَرْبَعَةُ أَرْبَاعٍ: رُبُعٌ فِينَا أَهْل الْبَيْتِ، ورُبُعٌ قَصَصٌ وأَمْثَالٌ، ورُبُعٌ فَضَائِلٌ وَإِنْذَارٌ، وَرُبْعٌ أَحْكَامٌ، وَاللهُ أَنْزَلَ فِي عَليٍّ كَرَائِمُ الْقُرْآنِ»(57).
ويمكن حمل ربع الفضائل والإنذار على ما نزل في عدوهم، فلا ينافي التربيع السّابق.
المقدارُ الثّاني: قسم من ثُلْث القُرآنِ: وذلك كما في الأخبار الآتية: عَنِ الأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) يَقُولُ: «نَزَلَ الْقُرْآنُ أَثْلاثاً: ثُلُثٌ فِينَا وفِي عَدُوِّنَا.
وثُلُثٌ سُنَنٌ وأَمْثَالٌ. وثُلُثٌ فَرَائِضُ وأَحْكَامٌ»(58). وروى العياشي مثله(59).
وكون ما نزل فيهم (عليه السلام) قسماً من الثلث لا ينافي التربيع السّابق، إذ في السنن والأمثال ما يشملهم (عليهم السلام) ويشمل عدوهم، وفي الفرائض ما يشملهم (عليهم السلام) ويشمل غيرهم، وما يختصّ بهم، كما اختصه تعالى لذوي القربى بقوله قال تعالى: {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}(60).
وقد ورد عن بشير الدّهان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إِنَّ اللهَ فَرَضَ طَاعَتَنَا فِي كِتَابِهِ، فَلا يَسَع النَّاسَ جَهْلَنَا، لَنَا صَفْوُ الْمَالِ، وَلَنَا الأَنْفَالُ، وَلَنَا كَرَِائِمُ الْقُرْآنِ»(61).
المقدارُ الثّالثُ: ثلثُ القرآن: عن خيثمة قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يَا خَيْثَمَة، الْقُرْآنُ نَزَلَ أَثْلاثاً: ثُلُثٌ فِينَا وَفِي أَحِبَائِنَا. وَثُلُثٌ فِي أَعْدَائِنَا وَعَدُوِّ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا. وَثُلُثٌ سُنَّةٌ وَمَثَلٌ.
وَلَوْ أَنَّ الآيَةَ إِذَا نزلت في قومٍ ثم مات أولئك القوم، ماتت الآية، لما بقي من القرآن شيء، ولكن القرآن يجرى أوله على آخره ما دامت السماوات والأرض، وَلِكُلِّ قَوْمٍ آيَةٍ يَتْلُونَهَا [و] هُمْ مِنْهَا من خير أو شر»(62). هذا النّص يخلو من قسم الفرائض والأحكام.
يستفاد من الأحاديث “أنّ المراد بضمائر المتكلم في قولهم (عليهم السلام): فينا وأحبائنا وأعدائنا من يشملهم، وكلّ من كان من سنخهم وطينتهم من الأنبياء والأولياء، وكلّ من كان من المقربين من الأولين والآخرين، وكذا الأحباء والأعداء يشملان كلّ من كان من سنخ شيعتهم ومحبيهم، وكلّ من كان من سنخ أعدائهم ومبغضيهم من الأولين والآخرين، وذلك لأنّ كلّ من أحبّه الله ورسوله، أحبّه كلّ مؤمنٍ من ابتداء الخلق إلى انتهائه وكل من أبغضه الله ورسوله أبغضه كلّ مؤمنٍ كذلك، وهو يبغض كلّ من أحبه الله ورسوله، فكل مؤمن في العالم قديماً وحديثاً إلى يوم القيامة فهو من شيعتهم ومحبيهم وكل جاحد في العالم قديماً وحديثاً إلى يوم القيامة، فهو من مخالفيهم ومبغضيهم، فصحّ أنّ كلّما ورد في أحد الفريقين ورد في أحبائهم أو أعدائهم”(63).
وجه اختلاف تقديرات النّصوص وفي وجه التعبير بالثلث تارة وبالربع أخرى احتمالات: الاحتمالُ الأول: أنّه “ليس بناء هذا التقسيم على التسوية الحقيقية، ولا على التفريق عن جميع الوجوه، فلا ينافي في زيادة بعض الأقسام على الثلث أو نقصه عنه، ولا دخول بعضها في بعض، ولا ينافي أيضاً مضمونه مضمون ما يأتي بعده”(64).
الاحتمالُ الثّاني: “لعلّ الفرق بين الثلث والربع قد نشأ من ملاحظة أنّ ربع آيات القرآن قد نزل فيهم حقيقة، أمّا الرّواية التي حددت الثلث فقد لاحظت بالإضافة إلى ما نزل فيهم (عليهم السلام) ما كان عامّا لكنّهم (عليهم السلام) كانوا أبرز وأجلى وأفضل مصاديقه، فصار المجموع ثلث القرآن”(65).
الاحتمالُ الثّالثُ: أنَّ التَّقسيمَ بالثُّلثِ أو الرُّبع تقسيمٌ خاصٌّ بهم (عليهم السلام) في جميع هذه الأقسام، غير أنَّ ما نَزلَ فيهم حقيقة صرّح بكونه فيهم، وإن كان ما نزل في أعدائهم يشملهم بلحاظات واعتبارات، وكذا ما نزل في السنن والأمثال، وفي الفرائض والأحكام.
قواعد معرفة الوحي النّازل في المطهّرين (عليهم السلام) القاعدة الأُولى: تشخيصُ كرائم الآيات: عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول -في حديث-: «وَلَنَا كَرَائِمُ الْقُرْآنِ»(66).
وعن ابن عباس، عن النّبي (عليهم السلام) قال -في حديث-: «وَاللهُ أَنْزَلَ فِي عَليٍّ كَرَائِمُ الْقُرْآنِ»(67).
وعنه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) -في حديث-: «وَلَنَا كَرَائِمُ الْقُرْآنِ»(68).
القرآن كريم كله، وكرائم الآيات كرائم من كرائم، وفي المراد وجوه، منها: أولاً: أنّها أحسن الآيات، “وكرائم القرآن أحسنه، لقوله تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}(69)، والقول: هو القرآن”(70). ثانياً: إنّها الدالة على عظمتهم ومحاسنهم وفضلهم ومدحهم كرائم من كرائم، وذلك كقوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}(71).
وقوله تعالى: {قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}(72). القاعدة الثّانيةُ: تشخيص التسمية والتكنية.
عن داود بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال -في حديث-: «يا داود، إنّ الله خلقنا فأكرم خلقنا، وفضّلنا، وجعلنا أمناءه، وحفظته، وخزانه على ما في السماوات وما في الأرض، وجعل لنا أضداداً وأعداء، فسمانا في كتابه، وكنى عن أسمائنا بأحسن الأسماء وأحبها إليه، وسمى أضدادنا وأعداءنا في كتابه، وكنى عن أسمائهم، وضرب لهم الأمثال في كتابه في أبغض الأسماء إليه، وإلى عباده المتّقين»(73).
وفي هذا النّص إشارة إلى طرق يُمكن عبرها معرفة الآيات القرآنية التي تعني المعصومين (عليه السلام): الطريق الأوّل: تشخيص الأسماء: وقد ذكرت الروايات الشريفة شواهد للأسماء كثيرة جداً جداً، يمكن الاقتصار على الآتي: الاسم الأوّل: الإمامُ: عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) قال: «قَالَ لَمَّا نَزَلتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلَى رَسُولِ اللهِ (صلَّى الله عليه وآله): {وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ}(74)، قَامَ رَجُلان مِنْ مَجْلِسِهِمَا فَقَالا: يَا رَسُولَ اللهِ، هُو التّوراةُ؟ قَالَ: لا.
قَالا: فَهُوَ الإِنْجِيلُ؟ قَالَ: لا. قَالا: فَهُوَ الْقُرْآنُ؟ قَالَ: لا.
قَالَ: فَأَقْبَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَليٌّ، فَقَالَ رَسُولُ الله (صلَّى الله عليه وآله): هُوَ هَذَا، إِنَّهُ الإِمَامُ الَّذِي أَحْصَى اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيهِ عِلْمُ كُلِّ شَيْءٍ»(75).
الاسم الثّاني: النّور: عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بِإِسْنَادِه، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (عليه السلام) فِي قَوْلِ اللَّه تَعَالَى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(76).
قَالَ: «النُّورُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، والأَئِمَّةُ (عليهم السلام)»(77).
الاسم الثالث: الهادي: عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقَصِيرِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) فِي قَوْلِ اللَّه (سبحانه وتعالى): {إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}(78).
فَقَالَ: «رَسُولُ اللَّه (صلَّى الله عليه وآله): الْمُنْذِرُ، وعَلِيٌّ: الْهَادِي.
أَمَا واللَّه مَا ذَهَبَتْ مِنَّا، ومَا زَالَتْ فِينَا إِلَى السَّاعَةِ»(79). الاسم الرّابع: القربى: عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: {قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}(80)؟ قال: «هُمْ الأَئِمَّةُ (عليهم السلام)»(81).
الاسم الخامسُ: أهل الذكر: عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّه (عليه السلام) {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}(82)؟ قَالَ: «الذِّكْرُ مُحَمَّدٌ (صلَّى الله عليه وآله)، ونَحْنُ أَهْلُه الْمَسْؤُولُونَ»(83).
الاسم السادسُ: الثقلُ: عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله (عزَّ وجلَّ): {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ}(84)؟ قال: «الثّقَلان: نَحْنُ وَالْقُرْآنُ»(85).
وعن زرارة قال: سألتُ أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله (عزَّ وجلَّ): {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ}(86)؟ قال: «كِتَابُ اللهِ وَنَحْنُ»(87).
و”المشهور بين المفسرين أنّ المراد بالثّقلين في تلك الآية: الجنّ والإنس، والمعنى: سنتجرد لحسابكم ولجزائكم يوم القيامة.
وعلى تأويله، المراد بالثّقلين: القرآن وأهل البيت (عليهم السلام)، كما مرّ، والمعنى: سنفرغ لسؤال الخلق لكم، والانتقام ممن لم يرع حقّكم”(88). الطريق الثاني: الكنى: “كنو: الكاف والنون والحرف المعتلّ، يدلّ على تورية عن اسمٍ بغيره.
يُقال كنّيت عن كذا، إذا تكلّمت بغيره مما يستدلّ به عليه”(89). والباحث سيذكرُ صورتين من الكنى لتقرب مسألة التّعرف على مقدار الآيات التي ذكرت أهل البيت (عليهم السلام) من خلال استقرائها وتطبيقها عليهم (عليهم الصلاة والسلام).
الصّورة الأولى: الكنى بالأمثال: والأمثال صورة من صور الكنى، لأنّه ورد عن أنس أنّه قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): «لِلرُّؤْيَا كنى، ولها أسماء، فكنّوها بكناها، واعتبروها بأسمائها، والرؤيا لأول عابر»(90)، و”أراد: مثّلوا لها مثالاً إذا عبرتموها.
وهي التي يضربها ملك الرؤيا للرجّل في منامه، لأنّه يُكنّى بها عن أعيان الأمور، كقولهم في تعبير النّخل: إنّه رجال ذوو أحساب من العرب.
وفي الجوز: إنّها رجال من العجم، لأنّ النخل أكثر ما يكن في بلاد العرب، والجوز أكثر ما يكون في بلاد العجم”(91). والأمثال تكنى عن الأعيان في القرآن، وهي حقيقة أشار إليها إسحاق بن جرير قال: «سَأَلَتْنِي امْرَأَةٌ أَنْ أَسْتَأْذِنَ لَهَا عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّه (عليه السلام)، فَأَذِنَ لَهَا، فَدَخَلَتْ ومَعَهَا مَوْلاةٌ لَهَا.
فَقَالَتْ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّه، قَوْلُ اللَّه (عزَّ وجلَّ): {زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ}(92)، مَا عَنَى بِهَذَا؟ فَقَالَ: أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ، إِنَّ اللَّه لَمْ يَضْرِبِ الأَمْثَالَ لِلشَّجَرِ، إِنَّمَا ضَرَبَ الأَمْثَالَ لِبَنِي آدَمَ»(93).
ولذا نجده (عليه السلام) قد فسّر الشجرة في أمير المؤمنين (عليه السلام)، فعن الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) -في حديث-: {يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ}(94)؟ قال: «ذَلِكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَليُّ بَنَ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) لا يَهُودِيٌّ وَلا نَصْرَانِيٌّ»(95).
وعن مسعدة بن صدقة، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن جده قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): سموهم بأحسن أمثال القرآن، يعني عترة النبي (صلَّى الله عليه وآله)، {هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ}(96)، فاشربوا، {وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ}(97)، فاجتنبوا»(98).
الصورة الثانية: الكنى بالصّفات: وعلى سبيل التّوسع نجعل بعض الأسماء صفات لكونها عائدة إلى الصّفات، كما في مثل الصّلاة والزكاة والحج فإنّه لا وجود لها خارجاً لو لم تتمثل في مصلٍّ ومزكٍّ وحاجٍّ، وهو ما يُمكن استفادته ممّا عن داود بن كثير قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): «أنتم الصّلاة في كتاب الله (عزَّ وجلَّ)، وأنتم الزّكاة، وأنتم الحج؟ فقال: يا داود، نحن الصّلاة في كتاب الله (عزَّ وجلَّ)، ونحن الزّكاة، ونحن الصّيام، ونحن الحج، ونحن الشّهر الحرام، ونحن البلد الحرام، ونحن كعبة الله، ونحن قبلة الله، ونحن وجه الله، قال الله تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ}(99)، ونحن الآيات، ونحن البينات.
وعدّونا في كتاب الله (عزَّ وجلَّ): الفحشاء، والمنكر، والبغي، والخمر، والميسر، والأنصاب، والأزلام، والأصنام، والأوثان، والجبت، والطاغوت، والميتة، والدّم، ولحم الخنزير»(100).
وعَنْ سَعْدٍ الْخَفَّافِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قال: «قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا أَبَا جَعْفَرٍ، وهَلْ يَتَكَلَّمُ الْقُرْآنُ؟ فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قَالَ: رَحِمَ اللَّه الضُّعَفَاءَ مِنْ شِيعَتِنَا، إِنَّهُمْ أَهْلُ تَسْلِيمٍ. ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ يَا سَعْدُ، والصَّلاةُ تَتَكَلَّمُ، ولَهَا صُورَةٌ، وخَلْقٌ تَأْمُرُ وتَنْهَى.
قَالَ: سَعْدٌ فَتَغَيَّرَ لِذَلِكَ لَوْنِي، وقُلْتُ: هَذَا شَيْءٌ لا أَسْتَطِيعُ أَنَا أَتَكَلَّمُ بِه فِي النَّاسِ. فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وهَلِ النَّاسُ إِلا شِيعَتُنَا، فَمَنْ لَمْ يَعْرِفِ الصَّلاةَ فَقَدْ أَنْكَرَ حَقَّنَا. ثُمَّ قَالَ: يَا سَعْدُ، أُسْمِعُكَ كَلامَ الْقُرْآنِ؟ قَالَ سَعْدٌ: فَقُلْتُ بَلَى (صَلَّى اللَّه عَلَيْكَ. فَقَالَ: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ}(101)، فَالنَّهْيُ كَلامٌ والْفَحْشَاءُ والْمُنْكَرُ رِجَالٌ ونَحْنُ ذِكْرُ اللَّه ونَحْنُ أَكْبَرُ»(102).
فأهل البيت (عليهم السلام) في أعلى مراتب المتصفين بالفضائل، وأعداؤهم في أعلى مراتب المتصفين بالرذائل، وقد ورد عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «يَا مُحَمَّدُ إِذَا سَمِعْتَ اللهَ ذَكَرَ أَحَدَاً مِنْ هَذِه الأُمَّةِ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ هُمْ. وَإِذَا سَمِعْتَ اللهَ ذَكَرَ قَوْمَاً بِسُوءٍ مِمَّنْ مَضَى فَهُمْ عَدُوُّنَا»(103).
وعن أبان بن عثمان قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام): «إِذَا سَمِعْتمُ اللهَ (عزَّ وجلَّ) ذَكَرَ أَحَدَاً فِي كِتَابِهِ مِمَّنْ مَضَى بِخَيْرٍ فَنَحْنُ مِثْلَهُمْ.
وَإِذَا ذَكَرَ أَحَدَاً مِنْ هَذِه الأُمَّةِ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ هُمْ»(104).
القاعدةُ الثّالثةُ: تطبيق مفردة الإيمان عن النبي (صلَّى الله عليه وآله) أنّه قال: «مَا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى آيَةً فِي الْقُرْآنِ فِيهَا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ}، إِلا وَعَلِيٌّ أَمِيرُهَا وَشَرِيفُهَا»(105).
وفي رواية حذيفة: «إِلا كَانَ عَلِيُّ بنَ أَبِي طَالِبٍ لُبَّهَا وَلُبَابَهَا»(106)
. عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله (عليه السلام): «مَا أَنْزَلَ اللهُ [تَعَالَى] آيَةً ففِيهَا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ}، إِلا وَعَلِيٌّ رَأْسُهَا وَأَمِيرُهَا»(107).
وفي رواية يوسف بن موسى القطان، ووكيع بن الجراح: «إِلا عَلِيٌّ أَمِيرُهَا وَشَرِيفُهَا، لأَنَّهُ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَاناً»(108).
وعن ابن عباس: «إِلا عَلِيٌّ رَاْسُهَا وَشَرِيفُهَا وَأَمِيرُهَا»(109).
وعن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أنّه قال: «لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ} إِلا فِي حَقِّنَا، وَلا فِي التَّوْرَاةِ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِلا فِينَا»(110).
والحمدُ لله أولاً وآخراً.
الهوامش والمصادر
- (1) المسائل السرورية للمفيد، ص78.
- (2) الرواشج السماوية للداماد، ص291.
- (3) الرواشج السماوية للداماد، ص291.
- (4) الرواشج السماوية للداماد، ص291.
- (5) الرواشج السماوية للداماد، ص292.
- (6) الرواشج السماوية للداماد، ص291.
- (7) النجم: 3-4.
- (8) الكافي للكليني، ج2، ص634، ح28.
- (9) الكافي للكليني، ج2، ص117، ح2.
- (10) الكافي للكليني، ج2، ص301، ح5.
- (11) الكافي للكليني، ج2، ص255، ح17.
- (12) الخصال للصدوق، ج6، ح18.
- (13) من لا يحضره الفقيه للصدوق، ج1، ص52، ح108.
- (14) تفسير القمي للقمي، ج2، ص189.
- (15) الكافي للكليني، ج2، ص117، ح4.
- (16) الكافي للكليني، ج1، ص22، ح15.
- (17) وفي كتاب مائة منقبة لابن شاذان: 56: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): «يَا عَلِيُّ إِنَّ جَبْرَئِيلَ (عليه السلام) أَخْبَرَنِي فِيكَ بِأَمْرٍ قَرَّتْ بِهِ عَيْنِي، وَفَرِحَ قَلْبِي، قَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللهَ تَعَالى قَالَ لِي: إِقْرَأ مًحَمَّد مِنِّي السَّلام، وَأَعْلِمْهُ أَنَّ عَلِيَّاً إِمَامَ الْهُدَى، وَمِصْبَاحَ الدُّجَى، والْحُجَّةَ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا، وأَنّهُ الصّدّيقُ الأَكْبَرُ، وَالْفَاروقَ الأَعْظَمُ..».
- (18) آل عمران: 187.
- (19) الاعتقادات في دين الإمامية للصدوق، ص84.
- (20) البينة: 1.
- (21) الكافي للكليني، ج2، ص631، ح16.
- (22) النساء: 59.
- (23) النساء: 59.
- (24) الأحزاب: 33.
- (25) الأنفال: 75.
- (26) الأنفال: 75.
- (27) بحار الأنوار للمجلسي، ج35، ص212، ح12.
- (28) النجم: 3-4.
- (29) الخصال للصدوق، ص580، ح2.
- (30) الخصال للصدوق، ص592، ح1.
- (31) الرعد: 43.
- (32) الرعد: 43.
- (33) بصائر الدرجات للصفار، ص235، ح17.
- (34) الرعد: 43.
- (35) بصائر الدرجات للصفار، ص234، ح10.
- (36) الإنسان: 8.
- (37) الإنسان، 22.
- (38) تفسير القمي للقمي، ج2، ص398.
- (39) تفسير العياشي للعياشي، ج1، ص13، ح4.
- (40) تفسير العياشي للعياشي، ج1، ص13، ح5.
- (41) بصائر الدرجات للصفار، ص215.
- (42) البقرة: 23.
- (43) الكافي للكليني، ج1، 417، ح27. وروى منخل مثله عن جابر، نفس المصدر ح26.
- (44) البيان في تفسير القرآن للخوئي، ص230.
- (45) طه: 115.
- (46) الكافي للكليني، ج1، ص416، ح23.
- (47) الوافي للكاشاني، ج9، ص178.
- (48) مفردات ألفاظ القرآن للراغب، ص99.
- (49) طه: 114.
- (50) أوائل المقالات للمفيد، ص81. نقله (قده) عن جماعة من متكلمي الإمامية.
- (51) الأنعام: 54.
- (52) تفسير فرات الكوفي لفرات، ج134، ح157.
- (53) تفسير الميزان للطباطبائي، ج7، ص111. بتصرف.
- (54) الكافي للكليني، ج2، ص628، ح4.
- (55) تفسير العياشي للعياشي، ج1، ص9، ح1.
- (56) بحار الأنوار للمجلسي، ج24، ص305، ح1.
- (57) بحار الأنوار للمجلسي، ج35، ص355، ح6.
- (58) الكافي للكليني، ج2، ص627، ح2.
- (59) تفسير العياشي للعياشي، ج1، ص9، ح3.
- (60) الأنفال، 41.
- (61) تفسير العياشي للعياشي، ج1، ص16، ح6.
- (62) تفسير العياشي للعياشي، ج1، ص9، ح7.
- (63) الوافي للكاشاني، ج9، ص1769.
- (64) الوافي للكاشاني، ج9، ص1768.
- (65) خلفيات كتاب مأساة الزهراء (ع) للعاملي، ج2، ص113.
- (66) تفسير العياشي للعياشي، ج1، ص9، ح1.
- (67) بحار الأنوار للمجلسي، ج35، ص355، ح6.
- (68) مستدرك الوسائل للنوري، ج7، ص 298، ح1.
- (69) الزمر: 8.
- (70) البرهان في تفسير القرآن للبحراني، ج1، ص52.
- (71) الأحزاب: 33.
- (72) الشورى: 23.
- (73) بحار الأنوار للمجلسي، ج24، ص303، ح14.
- (74) يس: 12.
- (75) الأمالي للصدوق، ج235، ح250.
- (76) الأعراف: 157.
- (77) الكافي للكليني، ج1، ص194، ح2.
- (78) الرعد: 7.
- (79) الكافي للكليني، ج1، ص192، ح4.
- (80) الشورى: 23.
- (81) الكافي للكليني، ج1، ص412، ح7.
- (82) النحل: 43.
- (83) الكافي للكليني، ج1، ص210، ح2.
- (84) الرحمن: 31.
- (85) بحار الأنوار للمجلسي، ج24، ص324، ح37.
- (86) الرحمن: 31.
- (87) بحار الأنوار للمجلسي، ج24، ص324، ح38.
- (88) بحار الأنوار للمجلسي، ج24، ص325.
- (89) معجم مقاييس اللغة لابن فارس، ج5، ص139.
- (90) المصنف لابن أبي شيبة، ج7، ص240، ح3.
- (91) النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير، ج4، ص207.
- (92) النور: 35.
- (93) الكافي للكليني، ج5، ص551، ح2.
- (94) النور: 35.
- (95) التوحيد للصدوق، ص157، ح3.
- (96) الفرقان:53.
- (97) الفرقان: 53.
- (98) تفسير العياشي للعياشي، ج1، ص12، ح7.
- (99) البقرة: 115.
- (100) بحار الأنوار للمجلسي، ج24، ص303، ح14.
- (101) العنكبوت: 45.
- (102) الكافي للكليني، ج2، ص598، ح1.
- (103) تفسير العياشي للعياشي، ج1، ص13، ح3.
- (104) تفسير العياشي للعياشي، ج1، ص13، ح3.
- (105) مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب، ج2، ص253.
- (106) مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب، ج2، ص253.
- (107) بحار الأنوار للمجلسي، ج35، ص352، ح41.
- (108) مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب، ج2، ص253.
- (109) مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب، ج2، ص253.
- (110) مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب، ج2، ص253.