الواعون لمسار القافلة الإنسانيّة
قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ﴾1.
اللافت في هذه الآية أمران:
الأمر الأوّل: أنّه وصف المؤمنين بالله ورسله بأنّهم الصدّيقون والشهداء عند ربِّهم، مع أنّ كلّ المسلمين يؤمنون بالله ورسله، فهل يعني هذا أنّ جميع المسلمين هم صدّيقون وشهداء؟
من الواضح أنّ هذا الأمر غير صحيح، لا سيّما عند التأمّل بمعنى “الصدّيق”، فإنّه من تحقّق فيه أمور ثلاثة هي:
1-أن يكون خبره مطابقًا للواقع.
2-أن يكون متيقّنًا بما يخبر عنه.
3-أن يكون فعله ملازمًا لقوله، أي سرى الصدق في قوله وفعله، فيفعل ما يقول، ويقول ما يفعل2.
فهل كلّ المسلمين هم كذلك؟!!
الأمر الثاني: أنّ هذه الآية تحدّثت عن الإيمان بالله ورسله، كما هو في العديد من الآيات، إلى جانب آيات قرآنيّة أخرى عبّرت “بالله ورسوله” وهما الركنان اللذان يعتبر الإيمان بهما لتحقّق الهويّة الإسلاميّة، ومن هذه الآيات:
1- ﴿آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾3.
2- ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾4.3- ﴿وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾5.
4- ﴿فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ﴾6.
5- ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ﴾7.
6- ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾8.إنّ التأمّل بقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ﴾9، يفيد أنّه يشير إلى أنّ وصف الصدّيقين يعود لمن يؤمن بحركة الرسل التي، كما ذكرنا سابقًا، عرضها الله تعالى على أنّها حركة القافلة الإنسانيّة، وعليه فإنّ الإيمان بهذه الحركة والوعي بها هو الذي يمنح وسام الصدّيقين للمؤمنين بها، مع ملاحظة أنّ معنى الصدّيقين يتضمّن أن يكون فعل هؤلاء المؤمنين الواعين منسجمًا مع إيمانهم ووعيهم وهو ما نتحدّث عنه لاحقًا.
وقبل ذلك نتعرّض لنكتة لافتة تدور حول بعض من منحهم القرآن الكريم وأحاديث الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وسام الصدِّيق.
- كتاب قافلة البشرية، سماحة الشيخ أكرم بركات.
المصادر والمراجع
1- سورة الحديد، الآية 19.
2- الطباطبائيّ، محمّد حسين، الميزان في تفسير القرآن, ط5, بيروت, الأعلمي, 1983م، ج19، ص 163.
3- سورة النور، الآية 62.
4- سورة النور، الآية 62.
5- سورة الفتح، الآية 13.
6- سورة الأعراف، الآية 158.
7- سورة النساء، الآية 136.
8- سورة الصف، الآيتان 10-11.
9- سورة الحديد، الآية 19.