ثقافة

حوار حول المجلس العلمائي مع سماحة الشيخ علي رحمة

المحتويات

المقدمة

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الممكنات أبي القاسم محمد وآله الغر الميامين، واللعن الدائم المؤبَّد على أعدائهم أعداء الدين إلى قيام يوم الدين، وبعدُ، فقد اتَّضح جلياً بما لا يترك مجالاً للتشكيك ما يعيشه الوضع الراهن لدين الإسلام الحبيب من محاربةٍ مستميتةٍ ومكرٍ عجيبٍ لإطفاء نور الله تعالى، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين، وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون، سيصيب الذين أجرموا صَغَارٌ عند الله وعذابٌ شديدٌ بما كانوا يمكرون، يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متمُّ نوره ولو كره الكافرون، ومن هنا، أدرك ثُلَّةٌ من العلماء المخلصين الأجلاء ضرورة مواجهة هذا المدّ العدواني – الذي يستهدف محق الدين – بما يتناسب وحجمه، وانتهوا إلى نتيجة مفادها ضرورة الانتقال من أسلوب الفردية في العمل – بأن يُلقيَ كلٌّ ما عنده لصدِّ هذا العدوان – إلى أسلوب توحيد الكلمة ورصِّ الصفِّ بإنتاج مؤسسةٍ ينطلق منها صوتٌ واحدٌ وعملٌ واحدٌ يَصُبُّ في مصلحة الدين ويوقف مدَّ العدوان حتى ينحسر نهائياً، لتكون الغلبة لله ورسوله وللمؤمنين أيَّدَهُمُ اللهُ تعالى.

المجلس الإسلامي العلمائي، فكرةٌ قد لبَّت طموح الكثيرين، وحقَّقَت ما تمنَّاه المؤمنون من اجتماع على الحق حتى تكون الصرخة في وجه محارب الدين قويةً، والضربة قاضيةً ساحقةً، وللتعرُّف بشكل أكبر على هذا المجلس وأهدافه وفعالياته وطموحاته، استثمرنا وجود من عايش المجلس من قريب – لفترة لا بأس بها – بيننا في أرض قم المقدسة، سماحة الشيخ علي رحمة، الذي عمل في المجلس مع مجموعة من الطلبة المخلصين  تحت الهيئة التنفيذية لمدةٍ تقارب الأربعة أشهر، ويُعَدُّ في هذه الفترة عضواً من أعضاء الجمعية العمومية في المجلس، فنقول بعد ترحيبنا بسماحة الشيخ وشكره لتلبية الدعوة…

 بدايةً نَوَدُّ أن تتحدثوا لنا باختصارٍ عن هذا المجلس المبارك وظروف تأسيسه والغاية من تأسيسه.

 أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، وصلِّ اللهمَّ على سيدنا محمد وآله الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين، فكرة تأسيس تجمُّعٍ يضُمُّ علماء وطلاب العلوم الدينية فكرة محلُّ إجماع، بل هي من ضرورات المرحلة، فالمرحلة تفرض في مجتمعٍ كمجتمع البحرين – وهو مجتمع صغير وفيه الكثير من العلماء وطلاب العلوم الدينية – وجود مؤسسة تجمعهم للتنسيق فيما بينهم والتشاور واستفادة بعضهم من بعض في مسألة التبليغ وإرشاد الناس و هدايتهم و ما شاكل ذلك، فأصل الفكرة محلُّ إجماع واتِّفاق من قِبَلِ الجميع.

وكما أشرنا بأن المرحلة تعتبر هذه الخطوة من الضروريات، ولعل هذه الفكرة كانت موجودة في أذهان الكثيرين من زمن قديم إلا أن هناك مجموعة من الموانع أدَّت إلى تأخيرها إلى وقت تأسيس المجلس فعلاً، ولعل أهمها العامل الأمني، ولمَّا حصل هذا الانفراج النسبي صارت الظروف مناسبة لطرح هذه الفكرة على الصعيد الخارجي.

وأمَّا الغاية من تأسيس هذا المجلس فهي الغاية من وجود نفس العلماء، فالغاية من وجود العالم هي تبليغ رسالة الله وحفظ الهوية الأصلية للدين في المجتمع ودفع الشبهات والإشكالات التي تَرِدُ من هنا وهناك، غاية ما في الأمر أن هذه آلية متطورة، هذا وجود جمعي للعلماء بدل وجوده الفردي الذي يَقْصُرُ في مثل زماننا عن تغطية حاجيات المجتمع الدينية والاجتماعية والفكرية والثقافية والسياسية، بالإضافة إلى أنه بوجوده الفردي قد يعجز عن دفع الإشكالات والشبهات التي تأتي من هنا وهناك.

 وهل تَلَمَّسْتُم سماحة الشيخ الفرق بين الوجود الفردي والوجود الجمعي للعلماء في عمليتهم التبليغية؟

 طبعاً الفرق واضح بشكل نظري، وأيضاً بلحاظ التجارب التي حصلت في غير البحرين – التجارب القديمة التي حصلت في بعض المناطق – الفرق واضح، والرجحان لصالح العمل الجمعي، بالخصوص في زماننا هذا الذي يكون فيه العمل الفردي غير منتجٍ فنحتاج إلى عمل مؤسساتي، وبالنسبة إلى مشروع المجلس الإسلامي العلمائي في البحرين فهو مشروع جديد من نوعه،  وهو جديد على الساحة أساساً، وهو في طور التطور إن شاء الله بالتدَرُّج، وسوف تظهر ثمرات الفرق بينه وبين العمل الفردي بشكل واضح إن شاء الله تعالى.

 ما مدى نجاح المجلس في تحقيق أهدافه المرجوة خلال هاتين السنتين؟

 المجلس الإسلامي الآن يعيش في سنته الثانية، أي صار له تقريباً سنة ونصف، وفي الحقيقة أصل طرح فكرة من خلالها يجتمع العلماء وطلاب العلم واستمرار هذه الفكرة لهذه المدة وتطورها المُطَّرِد، كل ذلك يُعَدُّ في حَدِّ ذاته نجاحاً كبيراً، بالخصوص أن هذا المجلس يضُمُّ عدداً كبيراً من الأعضاء يزيدون على المائة والعشرين عضواً، وهم في تزايد أيضاً، ويبقى نجاح المجلس في تحقيق أهدافه التي أُسِّسَ من أجلها يحتاج إلى وقت، والمجلس في بدايته كانت حركته بطيئة، وهناك أسباب موضوعية لذلك، ولكنه  كان يمشي في الطريق الصحيح – وهو يتطور يوماً بعد يوم -، نرجو أن يكون في أقرب وقت ممكن في مستوى الطموح لتحقيق أهدافه إن شاء الله تعالى.

 ما هي أصعب العراقيل التي واجهها المجلس في مرحلتي التأسيس والعمل؟

 أمَّا بالنسبة لمرحلة التأسيس، أعتقد بأن أكبر إشكالية واجهت المجلس هي صياغة القانون الأساسي للمجلس، أعني الآلية التي من خلالها يُصاغ القانون الأساسي للمجلس، هنا كانت إشكالية، وكان هنا أمام أصحاب الفكرة وأصحاب المشروع أكثر من خيار، لعل أهم هذه الخيارات هذان الخياران، الخيار الأول هو تشكيل لجنة تأسيسية مُصَغَّرة من قِبَلِ أصحاب الفكرة، – فكرة تأسيس المجلس -، وطَرْحها لقانون المجلس الأساسي وصياغته صياغة نهائية، ثم دعوة من تنطبق عليه شرائط العضوية من العلماء وطلاب العلم للدخول في المجلس بعد عرض القانون عليهم وموافقتهم عليه، هذا خيار، هناك خيار ثانٍ عبارة عن دعوة كل العلماء في البلد وطلاب العلم لأجل الاشتراك في صياغة القانون الأساسي، ولمَّا كان الخيار الثاني يستلزم طولاً زمنياً كبيراً -ولعل في خِضَمِّ التجاذبات والاختلافات يغرق المشروع ولا يُكْتَبُ له أن ينجح- تَمَّ ترجيح الخيار الأول، ومراعاةً لحق الآخرين في صياغة المواد أو تعديلها أُتيحَت هذه الفرصة وِفْقَ الآلية الموجودة في القانون الأساسي بشرط العمل بالقانون سنة كاملة من حين الشروع في العمل به، وبعد سنة يمكن التبديل والتغيير، وإلا لو تمَّ اختيار الخيار الثاني لما قُدِّرَ أن يرى هذا المشروع النور، ومن هنا رُجِّحَ الخيار الأول.

هذا على مستوى التأسيس، أمَّا على مستوى العمل فهناك مجموعة من العراقيل أعتقد بأن أهمها ثلاثة عراقيل، الأول يتمثل في عدم إعطاء كثير من أعضاء المجلس للمجلس ولعمل المجلس ولمهامِّه ووظائفه الوقت الكافي، وهذا طبيعي باعتبار أن المجلس بدأ وكثير ممن دخل فيه كان منشغلاً أيضاً في التبليغ وإرشاد الناس لكن بأسلوبه الفردي، فحتى ينتقل بأسلوبه الفردي إلى الأسلوب الجماعي والمؤسَّسي يحتاج إلى فترة من الزمن، هذه في البداية كانت إشكالية أدَّت إلى بطء تقدم وتحرك المجلس نحو تحقيق الأهداف، بالإضافة إلى أن بعض أعضاء المجلس كان يميل إلى العزلة واستثقال العمل الجماعي والعمل المؤسساتي، وهذا يحتاج أيضاً إلى فترة حتى يتعود على الأسلوب الثاني، أضف إلى ذلك أن بعض الأعضاء لم يمارس قبل ذلك أسلوب التبليغ وأسلوب العمل الجماعي، فهذا أيضاً يحتاج إلى فترة حتى يتأهَّل من خلالها ليكون في مستوى العطاء، هذا الإشكال الأول الذي واجه المجلس في عمله، أيضاً يوجد هناك إشكالٌ ثانٍ يتمثل في كون البحرين ساحة ممتلئة بالمشاريع التبليغية والرسالية التي هي بمستوى فردي أو شبيه به، وطبعاً هي لا تلبِّي طموح الساحة لكنها موجودة بسبب الفراغ الذي كان موجوداً بسبب عدم وجود المجلس، لمَّا أن صار المجلس صار أمامه سيل من المشاريع في المناطق والأحياء والقرى والمدن، فمن الطبيعي أنه يَتَرَيَّثُ في اقتحام أي منطقة من المناطق ليطرح فيها مشروعاته لأنه يحتاج لأن ينسق مع أصحاب هذه المشاريع، وبعضها أيضاً لها القابلية لأن تُدمَج في المجلس أو أنها تكون تابعةً للمجلس، هذه العملية تحتاج إلى فترة من الوقت، أيضاً هذه إشكالية كانت في بداية عمل المجلس.

يوجد أيضاً إشكالية ثالثة تتمثل في محدودية الميزانية المالية، مشروع ضخم بهذا الحجم يحتاج إلى ميزانية كافية، والميزانية المالية بحسب حكم طبيعة البلد وضعف الكثير من أهل البلد – الذين يُعَدُّون مورداً أيضاً – أو الحقوق الشرعية التي هي من أهم الموارد، ضعف الأموال التي تُستَفاد من هذه المصادر عن استيفاء كل ما يطرحه المجلس من مشاريع يُعَدُّ مشكلةً عمليةً للمجلس، فكل أبعاد المجلس لا يمكن أن تغطيها هذه الأموال، نحن نعلم بأن البحرين فيها من الفقراء والمحتاجين ما يُصْرَفُ لهم من الحقوق ومن الميزانية التي بيد العلماء الشيء الكثير، فلا يبقى لما يفي بمشاريع المجلس،  هذا يؤدِّي طبعاً إلى تأخير الكثير من مشاريع المجلس.

 قد يُتَّهَمُ المجلس بأنه يُؤَطِّرُ نفسَه ويحصرها في تيارٍ وتَوَجُّهٍ مُعَيَّنٍ، فكيف يَرُدُّ المجلس على هذه الدعوى؟

 هذه الإشكالية قد أُشبِعت في مقام الإجابة عليها، فمن البداية كان القائمون على تأسيس المجلس – الرموز العلمائية سماحة العلامة الشيخ عيسى وسماحة العلامة السيد عبد الله وغيرهم  من كبار أعضاء المجلس – كانوا مهتمين بدفع هذه الإشكالية من بداية تأسيس المجلس، وأن المجلس لا يريد أن يُلغي أحداً، بل يرحب بكل من تنطبق عليه شرائط العضوية، والأغلب فعلاً تنطبق عليه شرائط العضوية، وقد دُعيت التيارات العاملة الفاعلة الموجودة في البلد، دُعيت دعوة مباشرة، إلا أن بعضها لم يستجب وحبَّذَ عدم الدخول في المجلس مع دعائها للتوفيق إلى المجلس في العمل، وأنا فعلاً استمعت إلى بعض الأشخاص المحسوبين على بعض التيارات بأنه يقول أنا مع المجلس قلباً وقالباً إلا أني لا أرى الظروف مناسبة لأن أدخل في المجلس، هو مقتنع بالفكرة لكنه لم يدخل لظروف خاصة، بالإضافة إلى أن المجلس لا يدَّعي بأنه يمثِّل الجميع، هو يمثل من دخل تحت مظلته، و هو على استعداد تامٍّ إلى التعاون والتعامل والتنسيق مع البقية  الموجودة على الساحة، وهذا فعلاً ما حصل، فإن المجلس خلال هذه الفترة نسَّق مع الكثير من الجمعيات العاملة في الساحة، لأجل الوصول إلى مستوى من العمل والنتاج المتكامل الذي ينفع الناس ويرشدهم ويهديهم.

 من هنا ننتقل إلى السؤال السادس، ومن الممكن أنكم قد أشرتم إلى بعض الجزئيات المرتبطة بجواب هذا السؤال، ما مدى تفاعل وتَقَبُّل فكرة المجلس المبارك من قِبَلِ كُلٍّ من الجهة الرسمية في البلد، وفئة العلماء وطلاب العلوم الدينية وسائر شرائح المجتمع البحراني؟

 بالنسبة إلى الجهة الرسمية فقد أعلنت عن موقفها من بداية تأسيس المجلس وذلك من خلال المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، حيث أصدر ذاك المجلس الرسمي بياناً أبدى فيه عدم اعترافه بالمجلس الإسلامي العلمائي، وطبعاً لمَّا كان هذا البيان ليس في محله، وُوجِه من قِبَلِ العلماء ومن قِبَلِ الرموز، ولعل الجهة الرسمية خفَّفَت من حِدَّتِها وشِدَّتِها تجاه المجلس في الفترة الأخيرة.

 عفواً شيخنا، هل تعني أن الجهة الرسمية تتعامل مع المجلس تعامل اعترافٍ في هذه الفترة؟

 في الحقيقة أن المجلس قد فرض وجوده على الساحة، في البداية أُريدَ من هذا البيان التأثير الإعلامي أكثر من أي جهة أخرى، ولعله لأجل التخويف، إلا أن المجلس بحنكته والتزامه بالأسس السليمة للتعامل مع الآخرين قد فرض وجوده، وفي كثير من الموارد تبيَّن بأن الجهة الرسمية صارت تتعامل مع المجلس.

وبالنسبة لشريحة الطلبة فإن العدد الأكبر من طلاب العلوم  الحوزويين هم منضمُّون إلى المجلس وهم أعضاء فيه، أمَّا غير المنضمين فمنهم من لم تنطبق عليه بعض الشرائط – لكنه مع المجلس – مثل شرط السن، أو شرط التحصيل العلمي الذي يشترط فيه القانون أن يكون العضو قد دخل إلى السطح الثاني، أو غير ذلك من الشرائط التي لم تَتَحَقَّق في البعض، وبعضهم أساساً ليسوا من طلاب الحوزة بل هم خطباء وهم أيضاً مع المجلس – الكثير منهم مع المجلس -، يوجد بعض الأفراد ينتمون إلى تيار معين كما أشرت إلا أنهم من البداية لم يحبِّذوا الدخول إلى المجلس لأنهم يعتبرون أنفسهم تياراً مستقلاً، طبعاً هذا ليس فيه مشكلة إذا تمَّ التنسيق والتعاون معهم، وهناك بعض الأشخاص من طلاب العلوم الدينية أو العلماء بحكم ارتباطاتهم الخاصة لم يتمكنوا من الدخول، أذكر على سبيل المثال سماحة العلامة السيد جواد الوداعي، فهو لم يدخل المجلس لكنه يُعَدُّ أباً روحياً إلى المجلس في الحقيقة، وبارك المجلس وحضر الجلسة التأسيسية للمجلس الأولى والثانية، وأيضاً حضر في جلسات أخرى.

بعض العلماء أيضاً أيَّدوا المجلس إلا أنهم لم يدخلوا، نعم هناك بعض العلماء عندهم موقف من المجلس بالخصوص تجاه الآلية التي من خلالها صيغ القانون الأساسي، لم يحبِّذوا الدخول لأنهم لم يُشْرَكوا في صياغة القانون الأساسي، وإن كانت أُتيحَت لهم الفرصة بعد مُضِي سنة لأجل الدخول لأن في هذه الفترة بإمكانهم أن ينظروا في أي مادة من المواد، عدا مادتين هي محلُّ اتِّفاقٍ بأنها لا يمكن أن تُمَسَّ، أحدها أنه لا يأخذ المجلس بما يخالف الشريعة الإسلامية وهذه لا يمكن لأحدٍ أن يناقش فيها ولا يمكن أن تخضع إلى التعديل، فأُتيح المجال لدخولهم، والبعض طبعاً رحَّب بالدخول والبعض قال أن الوقت ضيِّق – أَيْ من حين أن دُعي إلى حين انعقاد الجلسة العمومية لأجل تغيير بعض المواد – قال أن الوقت ضيِّق، وإن شاء الله نتمنى في الفترة والجلسات اللاحقة أن يكون هناك توفيق لدخولهم لنكون يداً واحدةً لأجل إثراء الساحة إن شاء الله تعالى.

وأمَّا بالنسبة لسائر شرائح المجتمع فهم مع المجلس كما هم مع العلماء، كما نعلم بأن شعب البحرين شعب يحب العلماء ويحترمهم ويواليهم ويسمع كلمتهم وينصاع لأوامرهم، هم بالنسبة للمجلس هكذا أيضاً، ويمكن أن نلمس ذلك بشكل واضح من خلال الاستجابة منقطعة النظير لشرائح شعب البحرين للدعوات التي يطلقها المجلس من أجل بعض المسيرات أو بعض التجمعات أو بعض الفعاليات، ويكون هناك فيها حضور كبير ومتميز جداً، تبقى بعض نشاطات المجلس التفصيلية التي تحتاج إلى متابعة، هذه تحتاج إلى فترة من الزمن حتى تكون هناك آليات واضحة بين المجلس وبين شرائح وأفراد المجتمع البحراني، إن شاء الله بعد فترة من الزمن سوف يكون هناك حضور قويٌّ جدّاً لشعب البحرين – الذي يمثِّل الأرضية للمجلس – مع المجلس وبرامجه إن شاء   الله تعالى.

 إذا أردنا شيخنا أن نُوَسِّعَ دائرة الحديث لنخرج عن إطار البيت الشيعي، نقول أن هناك – كما سمعنا – محاولات من قِبَلِ المجلس – خاصَّةً في بداية التأسيس – إلى انضمام علماء من الطائفة السنية، فإلى أين وصل المجلس في هذا المجال؟

 كانت هي أمنية موجودة وصرَّح بها مجموعة من الرموز، أنه نتمنى أن يأتي اليوم الذي يكون في البحرين مجلس يضمُّ كلا الطائفتين، طبعاً من الواضح أن هناك صعوبة في تحقيق مثل هذا المجلس، لكن هناك بعض الخطوات الموجودة على الواقع للتنسيق، مثلاً كانت هناك دعوة وُجِّهَت من قِبَلِ بعض التيارات والجمعيات السنية إلى المجلس لأجل الخروج ببيان مشترك يشجب فيه الإساءة التي وُجِّهَت لنبينا الأعظم(ص)، والمجلس استجاب إلى ذلك، أيضاً المسيرات التي تخرج مثلاً لأهداف مشتركة وغايات مشتركة، أيضاً يُدعى لها الآخرون وليست هي محصورة لأعضاء المجلس أو التيار الذي ينتهي إلى المجلس، فالدعوة تشمل الجميع.

 بما أنكم ذكرتم في طيّات حديثكم بعض البرامج سماحة الشيخ، نقول ما هي أهم نشاطات المجلس المطروحة؟

 طبعاً المجلس جاء ليقوم بكل ما يحتاج إليه المجتمع المسلم في البلد من القضايا الدينية ثقافية كانت أو علمية أو فكرية أو أخلاقية أو اجتماعية وغير ذلك، فكل ما يحتاج إليه الفرد والمجتمع المسلم حمله المجلس على كاهله، وفعلاً أنا صار عندي اطِّلاع تفصيلي على مجموعة من النشاطات التي قام بها المجلس في الفترة التي كنتُ فيها في الهيئة التنفيذية قبل شهر رمضان، وقد فتح مجموعةً من الملفات، عنده الملف الأخلاقي والملف التبليغي والملف التعليمي وأيضاً فتح الآن الملف الاجتماعي وكان هناك الملف النسوي، وكل هذه الملفات لها تَشَعُّبَات ومجموعة من البرامج، وهناك خطة مدروسة ومفصلة لكل ملف من هذه الملفات، وقد فُتِحَت مجموعة من البرامج وطُرِحَت على الساحة وخلال هذه الفترة اشتغلتُ بالسفر ولا بُدَّ أن المجلس قد طرح مجموعةً أخرى جديدة من الملفات وهو في تطوُّرٍ مستمرٍّ، ولعلها تحتاج إلى جلسة خاصَّة لاستيفائها وبيان تفاصيلها.

 لأي حَدٍّ وُفِّقَ المجلس إلى تجسيد أطروحاته على صعيد الواقع العملي؟ بعبارة أخرى، هل أن جنبة التنظير لدى المجلس أوضح من جنبة التفعيل فنقولَ أن المجلس لا زال في مستوى التنظير أو أنه قد فَعَّلَ مجموعةً من هذه الملفات بشكل ملموس؟

 طبعاً المجلس قد تجاوز مرحلة التنظير وبدأ في تفعيل مجموعة من هذه الملفات، على سبيل المثال الملف التعليمي، قام الآن المجلس بكتابة مناهج، وفعلاً سوف تُطرح في الفترة الصيفية  للتعليم الصيفي، وعلى مستوى الملف التبليغي هناك مجموعة من الدورات التعليمية كُتِبَت ودُرِّسَت في بعض المناطق، هناك الاهتمام بصلاة الجماعة، ولوصول صلاة الجماعة للمستوى المطلوب هناك ملتقى أئمة الجماعة وقد عُقد مرتين، كانت له الجلسة الافتتاحية وهي الجلسة الأولى التي كانت في شهر رمضان الماضي وطُرِحَت فيها مجموعة من الفعاليات والتوصيات وكانت جلسةً ناجحةً، هناك دراسة مُعَمَّقَةٌ في الملف الأخلاقي للوضع الأخلاقي في البلد، وسعى المجلس لتشكيل لجنة مؤلفة من المجلس نفسه ومن الجمعيات الأخرى، وصارت عدة جلسات وقد قطعوا مجموعة من الخطوات في هذا المجال، الملف النسوي أيضاً قد بدأ القائمون على هذا الملف بإعداد وتأهيل مجموعة من الأخوات للتبليغ، وهناك شبه المدرسة الخاصة لتأهيلهنَّ إلى التبليغ والتخصُّص في هذا المجال، وهكذا مجموعة من الملفات فعلاً فُتِحَت وبُدئ في تفعيلها.

 من ضمن نشاطات المجلس المهمة طَرْحُ شعار سنوي يقوم المجلس بتنظيم عِدَّة فعاليات لترويجه بالشكل المطلوب لقطف الثمرة المرجوة، ما هي آلية اختيار هذا الشعار؟

 طبعاً هذا الشعار هو عبارة عن فعالية من فعاليات المجلس، و هو شعار سنوي يُطرَح في بداية كل سنة ليتناول قضية من قضايا الإسلام الكبرى لأجل تركيزها في أذهان المجتمع ومحاولة علاج هذه القضية طوال السنة من خلال المحاضرات والكتابات والندوات من خلال الآليات المتوفرة في هذا المجال، آلية اختيار الشعار هي أنه بعد أن يتُمَّ تشخيص قضية إسلامية كبرى هي بحاجة إلى دراسة أو علاج إلى مُدَّةٍ طويلةٍ تمتَدُّ إلى سنة، وتحتاج إلى تركيز في أذهان الناس، بعد تشخيص هذه القضية من خلال المشاورة مع أهل الاختصاص، تقوم الهيئة المركزية بإقرار هذا الشعار، هذه هي الآلية المطروحة.

 اقترنت كلمة الشعار غالباً بالجانب السلبي، حيث أنها تؤدي عادةً إلى انتقال الذهن إلى معاني الارتجال والحماس غير المدروس والانفعال الذي لا يستند إلى العقل، وحيث أننا نُنَزِّهُ العلماء الأجلاء عن هذه المعاني، نريد أن نعرف طبيعة الشعار المطلوب والذي يعمل به المجلس؟

 أنا أعتقد أن هناك مجموعة من الخصوصيات في القضية التي تُجعل محوراً للشعار، إذا توفرت هذه الخصوصيات يتُمُّ اختيار هذه القضية كشعار للعام:

 أولاً : تكون قضيةً إسلاميةً كبرى مهمة.

ثانياً : تُهَـدَّد هـذه الـقضية من قِبَل مشكِّكين.

ثالثاً: تحتاج هذه القضية لأجل علاجها إلى فترة زمنية طويلة تمتدُّ إلى سنة، فقد تكون هناك قضية إسلامية خطيرة ولكن علاجها لا يستدعي هذه المدَّة.

رابعاً : وجود تبعات وآثار خطيرة لعدم علاج هذه القضية، إذا توفرت هذه الأمور أتصوَّر أنها تصلح لأن تمثل الضابط العام لاختيار هذه القضية كشعارٍ للعام، وبذلك تبتعد عن الأمور التي أثرتَها في السؤال.

وفعلاً فإن القضية التي تم اختيارها – مرجعية الفقيه مرجعية الإمام -، نلاحظ أنها تشتمل على هذه الأمور التي ذكرناها، فهي قضية إسلامية كبرى، لأن ولاية الفقيه و ممثلية الفقيه امتداد طبيعي للإمامة، وأيضاً هي قضية تُهَدَّد في مثل هذا الوقت مع أهميتها للمجتمع، تُهَدَّد من قِبَلِ مُشَكِّكين ومُغْرِضين، وأيضاً تحتاج لعلاجها إلى فترة زمنية طويلة على مدار السنة لتُرَكَّزَ هذه القضية في أذهان الناس، وأيضاً تُعالج من خلال المحاضرات والدروس والمقالات وما شاكل ذلك،وأيضاً لها تَبِعَاتٌ خطيرةٌ إذا لم تقع في نصابها، حيث أن الكثير من القضايا تعتمد عليها،والمجتمع فعلاً يحتاج لأن يكون بصلةٍ وثيقةٍ مع مراجع الدين العظام حتى يَتَخَطَّى تَبِعَاتَ التخلف عن إيجاد هذه الصلة.

 فلنتحدث في إطار الشعارين المطروحين من قِبَلِ المجلس بالخصوص، وبما أن الشعار الأول – نَحْوَ أُسْرَةٍ حُسَيْنِيَّةٍ مُلْتَزِمَةٍ- مُنْدَرِجٌ تحت الشعار الثاني – مَرْجِعِيَّةُ الْفَقِيهِ مَرْجِعِيَّةُ الإِمَامِ (ع)-  كما يظهر، نقصر الحديث على الشعار الثاني، سماحة الشيخ، لماذا هذا الشعار؟

 نحن نعيش الآن في مرحلة إن صح التعبير هي مرحلة الاستحقاقات، وفي مثل هذه المرحلة إمَّا أن يكون المجتمع قد خرج باستحقاقاته أو أنه قد خرج صفر اليدين، وهنا كل تيار وكل جهة تطرح قيادة لأجل قيادة المجتمع وتحريكه نحوها، طبعاً التيار الديني إن صحَّ التعبير أو الخط المتدين له قيادته، وهذه القيادة أثبتت نجاحها على مر التاريخ، وفي مواقعَ متعددة قَدَّمَت نماذجَ من نماذج القيادة الناجحة جداً في موارد عديدة، فالتفاف المؤمنين الآن فعلاً حول هذه القيادة سوف يُحَقِّقُ لهم استحقاقاتهم الدينية والدنيوية معاً، بأن يكونوا كتلةً متماسكةً وقويةً ومترابطةً ويمشون خلف إرشاد الفقيه الذي هو بمثابة ظل الإمام (ع) وإرشاده وقيادته.

 نريد أن نفهم بأي معنىً تكون قيادة الفقيه قيادةً للإمام المعصوم (ع)؟

 المقصود بذلك أن طاعة الفقيه والانقياد خلف الفقيه في الأمور الدينية الإلزامية أمر شرعي إلزامي كما هو حقُّ الإمام صلوات الله وسلامه عليه، طبعاً في موارد الفتوى هذا أمر واضح وفي موارد القضاء وفي موارد شؤون المجتمع المسلم العامة بالقدر الذي تُتَاحُ فيه الفرصة للفقيه بأن يَبُتَّ فيها وممكن للمجتمع أن يتابع الفقيه في ذلك، فيلزم على المجتمع أن يراعي هذه الوظيفة الشرعية حتى تبرأ ذمته من هذا الواجب، وهناك نصوص واضحة استفاد منها الفقهاء هذا المنصب وهذا الموقع للفقيه، مثلاً منها  ما هو في مقبولة عمر بن حنظلة، الإمام الصادق(ع)  في آخر هذه الرواية يقول : (فإذا حكم بحكمنا ولم يُقبَل منه فعلينا ردَّ، والرادُّ علينا كالرادِّ على الله وهو بحدِّ الشرك ) وفي المكاتبة عن الإمام الحجة (عج) (وأمَّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم ).

 كيف كانت رَدَّةُ فعل سائر شرائح المجتمع بشكل مجمل لهذا الشعار عند طرحه؟

 طبعاً هذا الشعار شعار حيويٌّ وفاعلٌ، والمجتمع بشكل عام عنده رؤية إجمالية عن هذا الشعار،وهو يرى بأن عليه مسؤولية تجاه مُتَعَلَّق هذا الشعار، وفعلاً هناك حماس لُمِس من قِبَلِ شرائح الشعب البحراني تجاه التفاعل مع هذا الشعار بحكم أنه يرتبط بوظيفة شرعية توجه إليه حكماً إلزامياً بالقيام بعمل إيجابي تجاه هذا الشعار.

 طبعاً كان هناك معارضون لهذا الشعار، فما هي أبرز المغالطات التي أطلقها هؤلاء؟

 من أبرز هذه المغالطات مثلاً تَدَخُّلُ جهةٍ أجنبيةٍ في أوضاع البلد، وطبعاً هذه إشكاليةٌ ساقطةٌ لأن اعتماد المؤمنين والمسلمين في أمور دينهم على المتخصصين من الفقهاء وذوي الكفاءات أمر غير محظور حتى في النظم السياسية، فرجوع الجاهل إلى العالم سواءً كان هذا العالم من هذا البلد أم من غير هذا البلد أمر لا مشكلة فيه، فالحدود الجغرافية لا تمنع من رجوع غير المتخصص للمتخصص في هذا المجال، أيضاً من الإشكالات والمغالطات التي تُثار في هذا المجال كون الفقهاء في الحوزة العلمية لا يعرفون ولا يدرون بما يجري في الساحة وفي المجتمع المنفتح العامر بالقضايا السياسية والاجتماعية، وهذه أيضاً مغالطةٌ، حيث أن التجربة أثبتت بأن مراجع الدين العظام ومراجع التقليد الأكفاء عندهم من الدراية والخبرة بالقدر الذي يجعلهم في مصافِّ المتخصصين في هذا الجانب، أيضاً قد تُثار إشكالية الاستبداد، ومفادها أن المجتمع مُلْزَمٌ بمتابعة فقيهٍ من غير انتخاب ومن غير اختيار، وهذا لون من ألوان الاستبداد، وهذا أيضاً مرفوضٌ وساقطٌ لأن هذا الأمر مُشَرَّعٌ من قِبَلِ من له الحقُّ ذاتاً وأصلاً وهو ربُّ العباد، الله تبارك وتعالى جعل هذا الحق لمن يكون بهذا المستوى من العلم والمعرفة في أمور الدين، كما هو شأن اختيار الله تبارك وتعالى للأنبياء والأئمة، فليس هذا الأمر من شأن البشر أساساً حتى يُقالَ بأن هذه الكيفية من الاتباع لون من ألوان الاستبداد، فلا خيار للبشر أساساً في هذا المجال.

  هناك مغالطةٌ قد ترتبط بالإشكالية الأولى التي تَفَضَّلْتُم بطرحها، وهي أن الرجوع إلى الفقهاء في النجف الأشرف أو في قم المقدسة يتنافى والوطنية المرتجاة من المواطن البحراني فما تقولون؟

 دعنا أولاً نحدد معنى الوطن، فما المقصود من الوطن؟ هل أن المقصود منه هو خصوص التربة والماء؟ هذا هو الوطن؟ إذا كان المقصود من الوطن هذا المعنى فهو لا ينافي الاعتماد على الفقيه الذي لا ينتمي إلى هذا التراب ولا ينتمي إلى هذا الماء باعتبار أنه لا يؤثر أساساً على معنى الوطن الذي فرضناه.

وإذا كان المقصود من الوطن ما هو أوسع دائرةً من هذا الحد – أي ما يرتبط بالمجتمع الإنساني بشكل عام أعم من دائرة التراب والماء – أيضاً اعتماد المجتمع في هذا الوطن على أهل الاختصاص والفن في هذا المجال لا ينافي هذا الوطن المُدَّعى.

 ما هو تقييمكم لنتائج هذه الحملة الشعارية وإن كانت لم تأخذ فترةً كافيةً ؟

 طبعاً التقييم سوف يكون في نهاية الفترة الزمنية المحدَّدة وهي سنة، فبعد السنة يمكن تقييم هذه الحملة، مضى الآن من الحملة ما يقارب الشهرين ونرى أن هناك تفاؤل جيد، حيث أن المجلس الإسلامي العلمائي بدايةً قد قرن إطلاق فعاليات مع إطلاق الشعار، ففي بداية السنة الهجرية أيام العشرة، صارت هناك مجموعة من الفعاليات لتفعيل هذا الشعار، وصار هناك تجاوب، وكانت هناك جلسات عُقِدَت في المنامة أيام العشرة لأجل تفعيل هذا الشعار، وكان هناك مجموعة من الإخوة والشباب والمؤمنين يأتون ويستفسرون من الجهة التي حُدِّدَت للإجابة على أسئلتهم واستفساراتهم. أيضاً مجموعة من الخطباء – وقد استمعت إلى مجالسهم خلال العشرة- بشكل عفوي واستجابةً لطلب المجلس صارت تتحدث عن مرجعية الفقهاء ولزوم اعتناء المجتمع بهذه المرجعية كمسؤولية شرعية عليه، كما أن هناك مجموعة وسلسلة من الفعاليات أعلن المجلس في مطويات وزعها بأنه سوف يقوم بها ويعلن عنها في وقتها، وطلب من شرائح المجتمع أن تكون بمستوى المسؤولية في التفاعل مع هذه الفعاليات.

 الشعب البحراني، ما مدى مستوى معرفته واقتناعه بالثقافة التي يطرحها هذا الشعار؟

 الشعب البحراني شعب متدين بشكل عام، وهو شعب يوالي الفقهاء ويحترمهم كثيراً، فمن الطبيعي أن هذا الشعار سوف يأخذ مأخذاً مناسباً في نفوس وأذهان أفراد المجتمع البحراني، وهذا ما لمسناه الآن بمرور هذه الفترة الزمنية المحدودة، والمهم – أنا أتصوَّر – في الشعار هو تركيز هذا المعنى وجعله في أذهان الأفراد والمجتمع خلال هذه الفترة، بالإضافة إلى تثقيف المجتمع وإيصال وعيه بمستوى يمَكِّنُه أن يتفاعل مع هذا الشعار بالمستوى المطلوب.

 إلى أي حَدٍّ وُفِّقَ هذا المجتمع للالتزام بمقتضيات هذه المعرفة على الصعيد العملي؟

 أفراد المجتمع ليسوا بمستوىً واحدٍ، هناك شريحةٌ كبيرةٌ في البحرين هي بمستوىً عالٍ من التفاعل الجادِّ والمسؤول تجاه هذا الشعار وتجاه مسؤوليتهم أمام مرجعية الفقهاء، وهم في مقدمة العاملين أساساً لتفعيل الشعار وتحريكه، ويمكن أن نلمس هذا بشكل واضح من خلال دفاعهم عن المرجعية عندما تتعرض إلى إساءة أو ما شاكل ذلك، واتصالهم بشكل مستمر مع الفقهاء على مستوى الفتاوى الشرعية، وعلى مستوى تشخيص بعض الموضوعات التي تحتاج إلى مراجعة الحاكم الشرعي، ويتحَرَّجُ الكثير منهم أن يخوض في بعض القضايا من غير مراجعة الفقيه ومرجعيته الشرعية في ذلك حذراً من أن يقع في محذور شرعي، عندهم هذا المستوى من الاعتقاد بالمرجعية وبالتالي هم على مستوىً من الوعي الذي يجعلهم يتحركون في ظلِّ هذا الشعار بالمستوى المطلوب إن شاء الله تعالى.

 في النهاية، كلمة أخيرة توجهونها إلى كل المعنيين بإنجاح هذا المجلس المُوَفَّق من مختلف فئات المجتمع.

 أعتقد بأن المجلس كان طموحاً ينظر إليه شعب البحرين بكل تفاؤلٍ وأملٍ كبيرٍ، وعلى المجتمع – حتى يكون المجلس بمستوى الطموح، وليتمكن من تحقيق أهدافه في أقرب فرصة ممكنة – أن يكون متواصلاً مع المجلس بكل ثقله وبكل وعيه، لأن المجلس بأعضائه لا يمكنه أن يحقِّقَ أهدافه المطروحة من غير تفاعل المجتمع معه، فهناك وظيفةٌ ومسؤوليةٌ كبيرةٌ على المجتمع في البحرين يجب عليه أن يقوم بها تجاه إعانة المجلس وأعضائه للوصول إلى تحقيق هذه الأهداف في أقرب فرصة ممكنة من خلال الفعاليات التي يطرحها المجلس، سواءً الاجتماعية منها أم الثقافية أم الفكرية أم توصيات المجلس المختصَّة ببعض الجوانب، وبمستوىً مُعَيَّنٍ أثبت هذا الشعب الكريم تواصلَه مع المجلس ووقوفه معه بكل ثقله في مجموعة من الفعاليات، ونرجو أن يكون بهذا المستوى أيضاً في بقية الفعاليات الأخرى وتفاصيل نشاطات وفعاليات المجلس، نتمنى أن يكون المجلس ناجحاً بهذا الشعب إن شاء الله،وأن يكون هذا الشعب يرى في المجلس أنه حقَّقَ له ما يترقَّبُه منه من الأهداف التي يطرحها وأخذها على نفسه.

المصدر
مجلة رسالة القلم

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى