حوارات

مستقبل زاهر.. السيد مرتضى السندي: المقاومة في البحرين تنمو كمّاً ونوعاً

بالتزامن مع الذكرى السنوية الرابعة لعملية “سيوف الثأر” أكبر عملية في تاريخ البحرين، قال القيادي في تيار الوفاء الإسلامي، السيد مرتضى السندي أن “مستقبل المقاومة في البحرين مستقبل زاهر، اليوم المقاومة تنمو وترشد وتزدهر كمّاً ونوعاً، وكل مقومات المقاومة في البحرين حاضرة”.

وفي تشخيصه للواقع، يرى السيد مرتضى السندي أن “الأجيال القادمة بدأت تؤمن بأن خيار المقاومة هو الخيار الناجح، وهو الخيار الذي ممكن أن يحقق عزة شعب البحرين، وممكن أن يحقق مطالب شعب البحرين، وممكن أن ينقل انتقالة نوعية في مسار الأحداث في البحرين”.

ويؤكد السندي في مقابلة بعنوان “المقاومة تنمو” أنه مطمئن لمستقبل المقاومة، مضيفاً بأن “المقاومة تنمو وترشد وتتسع، اليوم المقاومة أصبحت ثقافة لدى الجيل القادم، وممكن مع مرور الأيام أن تتحول إلى الحالة العامة، والمستقبل في البحرين هو مستقبل المقاومة”.

تنشر وحدة الإعلام الحربي “الأبدال” نص المقابلة التي تم بثها مساء اليوم.

في ذكرى عملية التحرير، ما هي ملابسات وظروف العملية؟

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمدلله رب العالمين، في الحقيقة في عام 2016 تفاجأ العالم الإسلامي بخبر ونبأ إعدام آية الله الشيخ باقر النمر، و قد شكّل هذه الحادثة صدمة في محور المقاومة لأنه كانت هناك تطمينات عديدة لقادة محور المقاومة بأنه لن يتم إعدام سماحة آية الله الشيخ نمر باقر النمر، وأنه سوف يصلون إلى حلول وسطى يتم من خلالها تسوية موضوع آية الله النمر.

حادثة الإعدام التي حصلت، وشهادة آية الله النمر سببت غضباً شعبياً عارماً، ولكن القمع الأمني والقبضة الأمنية ساهمت في الحد من ردة الفعل الشعبية سواء كانت في المنطقة الشرقية أو في البحرين، الشهيد رضا الغسرة كان يفكر ويخطط في مسألة الهروب وتحرير مجموعة من السجناء منذ قبل هذه الحادثة، وكان يخطط للمسألة بشكل كبير وواسع، وكان يعطي وقته وجهده بشكل مكثف إلى عملية التحرير ولكن هذه الحادثة جعلت الشهيد رضا الغسرة يصمم أن يكون الثأر للشهيد النمر على يديه، حتى أنه قال لبعض أخوته في داخل السجن: «نحن من سنأخذ بثأر الشهيد النمر ومن هنا وسيكون الرد متزلزلاً».

لذلك بدأ يخطط رضا الغسرة، وقام بتسارع الأمور بحيث يهيأ الإمكانات وفريق العملية، لكي تتحقق عملية سيوف الثأر كما انتخب هو اسمها، ليكون في اليوم الذي استشهد فيه آية الله النمر، فكان جوابه لإعدام آية الله النمر هي عملية سيوف الثأر، فانتخب الذكرى الأولى لإعدام آية الله النمر وأهدى هذه العملية لآية الله النمر.

كانت الظروف الموضوعية معقدة جداً، كانت الناس محبطة، والإحباط عمّ البلاد والعباد، وكان هناك قبضة أمنية مشددة، آية الله عيسى قاسم في حصار، أعداد المحامين عن آية الله قاسم في تناقص، وكانت هناك مناورات عسكرية في عدة مناطق من البحرين، أحد هذه المراكز التي مورس فيها هذه المناورات هي سجن جو المركزي، أي مكان العملية، كل هذه الظروف الموضوعية كانت تشير إلى أن العملية ستتعقد بشكل أكبر وأكبر، ولكن رضا الغسرة عندما كان على اتصال بنا لم أرى منه التردد والخوف واليأس، بل كان مصمماً على هدفه.

نعم، بعض الذين كانوا معه، عندما وجدوا بأن المناورات قد حصلت في السجن والتشديد الأمني في البحرين، ترددوا وسألوا رضا الغسرة: هل ممكن أن نؤجل العملية باعتبار أن الظروف قد لا تكون مناسبة؟ رضا الغسرة كان جوابه: الاسختارة هي التي ستحدد، إن نقدم في العملية أو نتأخر. وأقدم على عمل استخارة وهذه الاستخارة كانت جيدة، فلذلك قال: سوف نخرج وستتم العملية إن شاء الله وسوف ننجح.

من الأمور اللافتة والمهمة في ليلة العملية، رضا الغسرة ورفاقه كانوا يزورون الإمام الحسين وكان على تواصل معنا، وكانوا يقرأون دعاء التوسل وكانت الأجواء روحانية وأجواء تقرب إلى الله سبحانه وتعالى، أتذكر أنه قال لي في ليلة العملية: بأنني سأقوم لاغتسل غسل الشهادة لكي أكون مستعداً إلى الشهادة في أي لحظة، بحيث إذا تطلب مني موقف شهادة أو تضحية فإني مستعد للشهادة.

الله سبحانه تعالى وفّق، حصلت عملية سيوف الثأر وحققت نجاحاً باهراً بعدد قليل، كل الذين شاركوا في العملية من خارج السجن هم 4 أشخاص، ولكن مع عددهم القليل استطاعوا أن يحققوا هذه العملية النوعية الكبيرة التي استطاعت أن تفشل كل مخططات الخليفيين لإيجاد اليأس والرعب والخوف، وأثبتت هذه العملية أن السلطة في البحرين هشّة وأنها نمر من ورق وأنها ضعيفة وكل هذه البهرجات التي تقوم بها ما هي إلا هباء وخواء ولا تمثّل قوة حقيقية، 4 أشخاص يمتلكون إرادة وتخطيط وشجاعة ممكن أن يحققوا انتصاراً كبيراً على السلطة الخليفية.

كل المحللين والمراقبين الذين كانوا يراقبون الأحداث عن كثب، لن يكونوا يتوقعون بأن هذه العملية ممكن أن تقع، لذلك كل التحليلات الذي قرأناها والذي كتبوها الناس، كانوا يتوقعون بأن هذه العملية غير قابلة الوقوع، رضا في السجن الانفرادي، الانفرادي داخل عنبر، العنبر داخل مبنى، المبنى داخل سجن، هناك 4 سجون إلى أن يخرجون إلى السجن الأكبر وهي البحرين من خلال القبضة الأمنية الكبيرة والانتشار الأمني، استطاع رضا ورفاقه أن يحطموا كل هذه القيود والأسوار وأن يحققوا نصراً كبيراً على السلطة الخليفية وعلى كل دول الخليج لأنهم كلهم كانوا مشاركين في المناورة التي أقيمت في سجن جو، بل أعتقد بأن رضا الغسرة استطاع أن يحقق انتصار أكبر من ذلك، حيث أن باعتراف جهاز الأمن الوطني، بأن البريطانيين كانوا يشاركون في عملية البحث والتحري ومع ذلك لم يصلوا إلى رضا الغسرة والقبض عليه وإفشال عملية سيوف الثأر.

ما هي رسائل ودلائل عملية سيوف الثأر؟

اعتقد أن لعملية سيوف الثأر رسائل عدة:

  • الرسالة الأولى: لشعب البحرين، أن شعب البحرين يمتلك رجال أبطال، إن هؤلاء الرجال الأبطال يمكن أن يحققوا انتصارات كبيرة جداً، لذلك ينبغي لشعب البحرين أن يثق في شبابه ومقاومته، ويثق في عقول شبابه، ممكن لشباب البحرين أن يحققوا معاجز وانتصارات كبيرة جداً.
  • الرسالة الثانية: لحكومة البحرين، أنها تعتقد واهمة أن تضيّق الخناق على شعب البحرين، وتحكم قبضتها على شعب البحرين، ولكن عملية سيوف الثأر أثبتت أن شعب البحرين قادر على أن يكسر هذه القبضة الأمنية وقادر على أن يظهر حقيقة هذا النظام بأنها هشّة وضعيفة وممكن أن تنهار في أي لحظة، عندما توجد إرادة والشجاعة والتخطيط الدقيق.
  • الرسالة الثالثة: أعتقد أن على أبناء شعب البحرين أن لا يفقدوا الأمل بل عليهم أن يعيشوا الأمل بأنهم قادرون على التغيير، عدد قليل من الشباب مع إمكانات بسيطة جداً وفي ظروف خانقة، ولكن مع ذلك استطاعوا أن يحققوا هذا النجاح الكبير مع عدم إيجاد أي تلفات وخسائر أثناء العملية وما بعدها، لذلك أعتقد بأن على شعب البحرين أن يعيشوا الأمل، هناك ثغرة في هذا الجدار وممكن هذه الثغرة أن تتسع، وأن يتحقق انتصارات عديدة إذا استطعنا أن نخطط جيداً ونمتلك الشجاعة والجرأة وأن نثق في المقاومة وقيادتها.

ما هي الخصائص التي لامستها في شخصية الشهيد رضا الغسرة؟

تميّز الشهيد القائد رضا الغسرة بالبساطة والتواضع، كان يتحدث ببساطة وتواضع قلّ نظيره، وكان يمتلك شجاعة قلّ نظيرها، رضا الغسرة لم ألمس منه الخوف أو التردد أبداً، لا قبل العملية ولا أثناء العملية ولا بعدها، كان على تواصل دائم معنا، كان على تواصل معنا قبل العملية وليلة العملية، من الأمور التي أريد أن أشير لها بأنه كان يتواصل معي حتى الساعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل، قال لي: سوف أذهب لأنام لبعض الساعات لاستعد للعملية.

من يعيش هذا الظرف كيف يستطيع أن ينام؟ لو لم يكن يمتلك طمأنينة وإيمان راسخ لما استطاع أن ينام، ذهب للنوم واستيقظ قبل صلاة الصبح وكان مستعداً للعملية، وهو كان مطمئناً ولم أجد فيه أي خوف أو تردد أبداً.

من الأمور التي وجدتها في الشهيد وهي خاصية مميزة في الشهيد رضا الغسرة وهي تعلقه بأهل البيت، فمثلاً حينما أراد أن يفتح الباب ولم يُفتح الباب من خلال المفتاح الذي صنعه في داخل السجن، بدأ يتوسل بالإمام الباقر حتى فُتح الباب.

مثلاُ حينما أراد أن يخرج من السجن وفي بيانه الذي صوّره قبل العملية بلحظات كان بنداء يا زهراء، أيضاً عندما وصل إلى المنزل وأول منزل يصل إليه، مباشرة قال لي: سيد سأحدثك بعد قليل، سأصلي لله ركعتيّ شكر. فنزل سلاحه أرضاً وتوضأ وذهب وصلى ركعتي شكر لله سبحانه وتعالى، بعد ذلك رجع وبدأ يتابع شؤون العملية، لذلك أعتقد بأن رضا الغسرة شخصية ذات أبعاد متعددة، عنده دقة في التخطيط وشجاع ومقدم، يمتلك علاقة روحية كبيرة مع الله وأهل البيت، كل هذه الخصائص اجتمعت في شخصية رضا الغسرة، وكان طوال العملية لم أجد منه نبرة غرور أو نبرة إدعاء في نفسه بل كان دائماً يتكلم بتواضع كبير جداً، كان يمارس دور القائد ولكنه لن يدعي لنفسه القيادة أبداً، بل كان دائماً يربط الإنجازات للآخرين ولا ينسبه إلى نفسه.

شخصية مثل هذه الشخصية، شخصية مخلصة لله، شجاعة قلّ نظيرها، مخطط، مدير، كان يمتلك كل مقومات القيادة، وهذا الأمر سمعته بإذني عندما تكلمت مع الشهيد القائد قاسم سليماني عن شخصية رضا الغسرة وأريته بعض مخطط العملية بعد إنجازها، وشرحت له بأن العملية كيف تحققت وحصلت، فهو سألني سؤال مباشر: من الذي خطط لهذه العملية؟ قلت له: رضا الغسرة. قال لي: رضا الغسرة شخصية نوعية وينبغي أن يكون قائد على مستوى المنطقة وليس البحرين.

أعتقد أن شخصية رضا الغسرة يمكن أن تتكرر وتنتسخ في أبناء شعب البحرين، إذا أعطي أبناء شعب البحرين الفرصة فإنه هناك مثل رضا الغسرة موجودون في البحرين، شعب البحرين ممكن أن ينتج ويولّد أمثال رضا الغسرة.

كيف ترى مستقبل المقاومة في البحرين؟

أعتقد أن مستقبل المقاومة في البحرين مستقبل زاهر، اليوم المقاومة تنمو وترشد وتزدهر كمّاً ونوعاً، وكل مقومات المقاومة في البحرين حاضرة، خصوصاً بعد مسألة التطبيع مع الكيان الصهيوني، اليوم العدو الخليفي والصهيوني والأمريكي كلهم يتحدثون عن نمو المقاومة، ويدعّون بأنه أحد مبررات مجيء الكيان الصهيوني والتطبيع معه هو خوف السلطة الخليفية من المقاومة، لذلك أعتقد أن مستقبل المقاومة مستقبل زاهر جداً في البحرين، الأجيال القادمة بدأت تؤمن بأن خيار المقاومة هو الخيار الناجح، وهو الخيار الذي ممكن أن يحقق عزة شعب البحرين، وممكن أن يحقق مطالب شعب البحرين، وممكن أن ينقل انتقالة نوعية في مسار الأحداث في البحرين.

لقد اغلقت السلطة الخليفية كل آفاق العمل السياسي في البحرين، فأصبحت المقاومة هي الخيار الذي يمكن أن يتكأ ويُعتمد عليه ويمكن أن يحدث تغييراً نوعياً في مسار الأحداث في البحرين.

اليوم أحد أهم الأسباب الموضوعية لوجود التطبيع مع الكيان الصهيوني حسب ادعاءهم هو مسألة القلق والخوف من المقاومة، أنا لا أتحدث من منطلق انتمائي أو تبنيّ لخيار المقاومة، اليوم بالإمكان المشاهدة والمطالعة لكل الدراسات والمقالات والإجراءات التي تتخذ من قبل الولايات المتحدة الأمريكية تجاه المقاومة ورجالها وخياراتها وكياناتها، سنجد بأن القلق والرعب يذب في نفوس كل أعداء المقاومة، لذلك أنا مطمئن لمستقبل المقاومة، المقاومة تنمو وترشد وتتسع، اليوم المقاومة أصبحت ثقافة لدى الجيل القادم، وممكن مع مرور الأيام أن تتحول إلى الحالة العامة، والمستقبل في البحرين هو مستقبل المقاومة.

كلمة أخيرة للشعب البحريني

رسالتي لأبناء شعب البحرين، عليهم أن يثقوا في المقاومة ورجالاتها وفي خيار المقاومة، أن الضريبة التي يدفعها شعب البحرين لخيار الاستسلام أو الضعف أو الهوان ستكون أكبر كلفة من خيار المقاومة، خيار المقاومة سوف يوقّف العدو عند حدّه وسوف يجعل هناك توازن رعب بين المقاومة والسلطات الخليفية وعدو المقاومة وشعب البحرين، لذلك أدعو شعب البحرين بأن يثقوا في خيار المقاومة ورجالاتها وكياناتها، والمستقبل القادم سوف يثبت أن المقاومة قادرة على إحداث تغيير نوعي في مسار أحداث البحرين والمنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى