صلاة على وجع الرمال
مذْ نويتَ الصلاةَ في الطفِّ قالوا *** أذّنَ النحرُ لمْ يؤذّنْ بلالُ
حينّ كبّرتَ كبّرَ العرشُ حُزناً *** واحتوى الأرضَ كلَّها زلزالُ
حينَ سلّمتَ كانَ آخرَ فرضٍ *** قبلَ أنْ للسَّما يُشدُّ الرحالُ
ظامئاً كنتَ تمنحُ الماءَ عُمراً *** آخراً كي لا تَعطشَ الأطفالُ
حينما مِلتَ بالجوادِ لترمي *** منكَ جسْماً قد أنهَكَتهُ النبالُ
مالَ عرشُ الإلهِ كي يتلقّى *** كلَّ جرحٍ إذْ الجراحُ ثقالُ
حينما في الرُغامِ وسّدتَ خدَّاً *** لم يظلّلْكَ في الهجيرِ ظلالُ
بل منَ الشوقِ دونَ أدنى شُعورٍ *** قبّلتْ خدّكَ الشريفَ الرِمالُ
حائراً كنتَ كيفَ تنزعُ سهماً *** من فؤادٍ أذابهُ الاعتلالُ
يا تُرى هلْ منهُ تناثرَ ثلثٌ *** أم من الذكرِ تنثرُ الأنفالُ ؟!
كيف أدمى أبو الحتوفِ جبيناً *** لعُلاهُ السماءُ ليستْ تَطالُ ؟!
يا أبا الماءِ هُم أُحِيلوا رماداً *** حينَ بينَ السِقا وبينكَ حالوا
عندما لم تَذق من الماءِ شيئاً *** أدركَ الماءُ أنّهُ اضْمحلالُ
من أبي الفضلِ هل أتاكَ حديثٌ *** عن يمينٍ منها تجارى الزُلالُ
جانبَ النهرِ أسمعتكَ الحكايا *** ثُمَّ قالتْ ما لمْ تقلهُ الشمالُ
والمسافاتُ بينَ تلٍّ ونحرٍ *** بينها ما هُناكَ ثمَّ احتمالُ
لم تقفْ زينبٌ على التلِّ لكنْ *** وقفتْ فوقَ راحتيها التلالُ
لم يشبْ رأسُها من الوجدِ لكنْ *** من لظى الصبرِ شابتِ الأهوالُ
وطناً كُنتَ والجراحاتُ تغزو *** كلَّ أعضاكَ والدماءُ احتلالُ
قطعةً قطعةً توزّعْتَ سِفراً *** وعلى الرملِ قُلتَ ما لا يُقالُ
وجرى الرأسُ ما لهُ مُستقرٌّ *** كيفَ للشمسِ بالقناةِ تُشالُ !
أ حسينٌّ لكَ ارتجلتُ بدمعي *** حسبهُ الدمعُ في أساكَ ارتجالُ
يخمدُ الحُزنُ كلما زادَ عمراً *** وعليكَ الأسى لظىً واشتعالُ
زِنْ لدمعيْ الجراحَ جرحاً فجرحاً *** فبوجدي تعذّر المكيالُ
يا حسينٌ وكلُّ دمعة شجوٍ *** هي باللهِ في القيامِ اتصّالُ