أهمية الحاضنة الشعبية للمقاومة
كل مشروع لابد له من مقومات تشد من عوده، وهي الشرط الأساس لاستمراريته، وديمومة بقاءه، وهذا المشروع المبارك، وهو المقاومة الإسلامية، له مقومات عدة، لتثبيته كخيار رادع للظالم المستبد، واذكر هنا إحدى المقومات المهمة لاستمرارية المقاومة على هذه الأرض المباركة حتى توطئ للمهدي “عج” دولته، وهي الحاضنة الشعبية للمقاومة.
الشعوب الحية عادةً عندما تتعرض للظلم والاضطهاد، تسعى لرفع هذا الظلم بشتى الوسائل الممكنة، حتى تستعيد كرامتها المسحوقة، وترفع قيد العبودية عن عاتقها، فضلاً على ذلك، أن العقل والشرع يحتمان على المرء أن يحفظ هذه الكرامة الإنسانية.
من هنا تنشأ المقاومة، حتى ترفع الظلم، وتحق الحق، وتستعيد الكرامة والحقوق المسلوبة، وتوقف العنجهية عن المزيد من السلب والنهب والقتل. وهذا الأمر طبيعي جداً، وخصوصاً عندما يراد من هذا الشعب أن لا يكون له وجود على هذه الأرض، ويراد له أن يكون معدماً لا حركة له ولا صوت.
عندها يؤمن القليل بالطريق الصعب، وإمكانية التغيير، وفرض معادلات جديدة على أرض الواقع، بالإيمان بالله والاتكال عليه، والإعداد لكل مرحلة ما يناسبها من القوة.
يتألم العدو بعدها من كل ضربة موجهة إليه، وهذا يُستَكشَف من أمور عدة، منها:
- التهديد والوعيد وعلو الصوت بعد كل عملية ضده.
- اخفاء العمليات القوية عن مرتزقته؛ لكي لا يتسلل الخوف لمرتزقته وعبيده.
- كثرة الزيارات الداخلية والخارجية.
- تجييش العرق الطائفي.
فيعمل العدو عندها على أن يحد من انتشار هذا الفكر المقاوم بين أبناء الشعب، من خلال عدة أساليب، منها:
- اعتقال أكبر قدر ممكن من الناس؛ لكي يخاف الناس من التعاطف مع المقاومة، فضلاً عن تقديم يد العون والمساندة لها.
- شدة التعذيب للمظلومين، والتلويح لهم أن ما يتعرضون له بسبب الجماعات المقاومة.
- النزول بالأسلحة والعتاد لترهيب الناس، وتخريب بيوتهم بحجة البحث والتحقق من وجود الأسلحة لدى الناس.
- التلويح بالتدخل الخارجي، وأنه يحظى بالحماية الأمريكية والبريطانية.
من هنا يعمل العدو على وئد المقاومة، وشل حركتها، من خلال التشكيك في حقيقة المقاومة، والتشكيك في أهداف المقاومة، وذلك من خلال تحويل نظرة المظلومين والمستضعفين للمقاومة، من كونها المنقذ والخيار الجدي لنزع الحقوق، إلى كون المقاومة أساس محنة الشعب وعذابه.
ومثال حسي على ذلك أن العدو الإسرائيلي عندما يتعرض لضربة قاسية من المقاومة الإسلامية، فإنه يسعى إلى قصف البيوت، وقتل المدنيين وإلى غير ذلك، ويجعل المبرر أن جماعاتكم هي التي بدأت بضربي والاعتداء عليّ. فينسى المجتمع مع الألم، أن هناك محتل للأرض، وهو سبب المعاناة التي يعيشها، فيبدأ بمهاجمة المقاومة، التي نشأت لتخليصه من هذا العذاب والشقاء.
فيحول العدو نظرة الناس بين العدو الحقيقي والعدو المصطنع، والذي هو في الحقيقة صديق له، وخارج من رحم المعاناة معه.
وكل المقاومات الإسلامية منها وغير الإسلامية، مرّت بهذا الظرف من حالة التخوين، والقذف، والكذب عليها، ووصفها بالجنون، والعمالة للأجنبي والعدو، وعدم اتباع العلماء، والتشكيك في أهدافها.
ومَن استمر في طريق المقاومة، استمر بالعض على الجراحات، والحفاظ على الأخوة الإيمانية، وترك المشاحنات البينية، والتوجه بكامل القوة للعدو الأساسي للأمة، عندما صنعت المقاومة الحاضنة الشعبية المقاومة، التي هي جزء من جهاد المقاومة، وانتصار المقاومة، والرافد للمقاومة، والشريك الأساس في صنع الأمة التي تمهد للظهور القريب للقائم الحجة “عج”.