بيرق

الآثار المُترتّبة على التقوى

للتقوى في حقيقتها آثارٌ متعدّدة، لكنْ من الممكن اختصارها بِمقام الولاية الحقّة لله تعالى، بِحيث لا يكون بين المرء وبين الله حجاب، فيصبِح مولى لله تعالى، والله وَلِيُّه. وقد بيّن القرآن الكريم الآثارَ المترتّبة على التقوى، أهمّها:

الأوّل: الفوز يوم القيامة، قال تعالى: ﴿وَلَوۡ أَنَّ أَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوۡاْ لَكَفَّرۡنَا عَنۡهُمۡ سَيِّ‍َٔاتِهِمۡ وَلَأَدۡخَلۡنَٰهُمۡ جَنَّٰتِ ٱلنَّعِيمِ﴾ . فالصوم بابٌ إلى التقوى التي هي بِدورها بابٌ لِتكفير السيّئات والفوز بِجنّات النعيم في الآخرة.

الثاني: التقوى غاية العبادة، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾ . فالتقوى التي جعلها الله غاية العبادات، جَعلها في مكانٍ آخر غاية الصيام، وهذا يعني أنّ عبادة الصوم مِن العبادات الاستثنائيّة على مستوى صناعةِ باطن الإنسان وبناءِ سريرتِه وتخليصِه مِن شوائب ما عَلِقَ على أطراف قَلبِه ونفسِه.

الثالث: البُشرى في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ لَهُمُ لبشرى فِي لحيوة الدنيا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ لَا تَبۡدِيلَ لِكَلِمَٰتِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ﴾ .
فالتقوى -بِصريح القرآن- نعيمٌ في الدنيا والآخرة، إذ إنّ الله استخدم التعبيرَ نفسه للدنيا والآخرة -وهو (البُشرى)- ليُدلِّل على عظيم بَرَكات هذه المَنقبة، فأطلَقَ على نتيجتها تعبير (الفوز العظيم). وهل بعد ذلك مقامٌ وشأنٌ ورِفعةٌ يَبلُغُها المرءُ بِبَركة الصيام؟

الرابع: قبول العمل، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ألله مِنَ ٱلۡمُتَّقِينَ﴾ . وهذا مِن أعظم بَرَكات التقوى؛ حين تُصبح هذه الأعمال مقبولةً عند الله. فلا يستصغرُ الإنسانُ عملاً بعد قبوله، ولا يمتنع أو يتلكّأ عن عملٍ ما دام مقبولاً. وهذا مِن أكبر الغايات التي ننشدها جميعاً في أعمالنا التي نَنظر إليها دائماً بِعين الخَوْف مِن أنْ تكون غير مُحرزة لِرضا الله وَقَبوله.

الخامس: العناية الإلهيّة، فالإنسان التقيّ يبقى في عين الله، بِحيث لا تُسَدُّ في وجهه أبواب حياته المادّيّة والمعنويّة، فالله تعالى يُهيّئ له المَخارج ويُيَسِّر له سُبُل الرزق مِن حيث لا يحتسب، قال تعالى: ﴿وَمَن يَتَّقِ ألله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لَا يحتسب وَمَن يتوكل عَلَى ألله فَهُوَ حَسبه إِنَّ ألله بَٰلِغُ أمره قد جَعَلَ ألله لِكُلِّ شيء قدرا﴾.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى