تفسير آية

تفسير آية: خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا

قال الله تعالى: ﴿الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ سورة الأنفال، الآية 66.

الإشارات والمضامين

1- الضعف الروحي من أسباب تدنّي القدرة على القتال

المراد بالضعف في عبارة ﴿وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا﴾، الضعف في الصفات الروحية الذي ينبع من ضعف الإيمان، لأنّ الإيقان بالحقّ فقط هو الذي ينبعث منه جميع السجايا الحسنة الموجبة للفتح والظفر، كالشجاعة، والصبر، والرأي المصيب. والدليل على أنّ المقصود ليس الضعف من حيث العدّة والقوّة، هو أن المؤمنين كانوا يزدادون عدداً وقوة في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم . ولكن العلة هي علة الضعف الروحي للمسلمين، لأنهم رغم كثرة عددهم، اختلط بهم من هو ضعيف اليقين والبصيرة . وعليه: يُستفاد من هذه الآية أنّ الضعف الروحي يؤدّي إلى تدنِّي القدرة على القتال.

2- التخفيف إلى واحد مقابل اثنين ليتحقق النصر

ظاهر قوله تعالى: ﴿الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ…﴾ كما قيل، كون الآيتين مسوقتين لبيان الحكم التكليفي، لأنّ التخفيف لا يكون إلاّ بعد التكليف، فالمراد في الآية الأولى: ليثبت الواحد منكم للعشرة من الكفّار، وفي الآية الثانية: الآن خفّف الله في أمره، فليثبت الواحد منكم للاثنين من الكفّار.

روي عن الامام الصادق عليه السلام: “أما علمتم أنّ الله عز وجل قد فرض على المؤمنين في أول الأمر أن يقاتل الرجل منهم عشرة من المشركين، ليس له أن يولّي وجهه عنهم، ومن ولاَّهم يومئذ دبره فقد تبوَّء مقعده من النار، ثم حوَّلهم رحمة منه لهم، فصار الرجل منهم عليه أن يقاتل رجلين من المشركين تخفيفاً من الله عز وجل للمؤمنين، فخفّف الحكم السابق”.

3- انتصار المؤمنين الصابرين على العدو مناط بالإذن الإلهي

جملة ﴿…بِإِذْنِ اللّهِ…﴾ تقييد لقوله ﴿َيَغْلِبُواْ﴾، وعليه يكون معنى الآية: أنّ الله أذن بالغلبة والنصر على الكفّار، نتيجة كونه تعالى شخّص بأن هؤلاء الذين مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم هم مؤمنون صابرون، وبذلك يظهر أن قوله: ﴿وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ يفيد فائدة التعليل بالنسبة إلى الإذن.

4- الله ناصر المجاهدين الصابرين

على الرغم أنّنا لا ندرك جوهر وحقيقة المعيّة الإلهية للصابرين في الآية ﴿وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ ولكن نعلم علم اليقين بأنّ من كان الله تعالى معه، فهو الغالب المنصور ولن يغلبه أحد، وعليه يمكن أن نفسّرها بمعيّة المعونة والنصرة . نعم، يمكن القول بأن الآيات يحكيها القرآن الكريم تحكي قصة مصداق واحد من المجاهدين في مقطع زمني محدد، ولما كانت الآيات القرآنية عامة، فهي قابلة للانطباق على مصاديق أخرى متى ما توفّر عامل الإيمان، والصبر، والنصرة لله ولدينه، والجهاد في سبيله، والمعية والنصرة الإلهية قابلة للتكرار كذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى