قراءة في موقف خبراء الأطلسي حول التفاهم الإيراني السعودي برعاية صينية

في خضمّ الإعلان عن توقيع اتفاق بين إيران والسعودية برعاية صينية، يتساءل خبراء الأطلسي حول ما إذا كان هذا الاتفاق الإيراني السعودي وبرعاية صينية قادر فعليا على انهاء الصراع وحالة العداء بين دولتين اقليميين أساسيتين في منطقة الخليج الفارسي؟ وتساءلوا حول المكاسب الدبلوماسية والسياسية والاستراتيجية التي ستحصل عليها الصين من وراء قيامها بدور الوساطة بين الطرفين؟

سنعرض لاهم المواقف التي طرحها خبراء الأطلسي، مع تقييم لمدى جديتها وواقعيّتها خاصة فيما يتعلق بقراءة التداعيات السياسية والاستراتيجية لمفاعيل هذا الاتفاق.

من الطبيعي ان يكون رد الفعل المبدئي حول اعلان الاتفاق بين إيران والسعودية بوساطة صينية، مثير للجدل في الأوساط الغربية وخاصة الأطلسية، والتي يشغلها التحرك الصيني بشكل كبير، لذلك طرح التحذير من الدور المتنامي للسياسة الصينية التي بدت وكأنها تقدم رؤية جديدة ومخالفة تماما لما دأب الغرب والولايات المتحدة على القيام به في منطقة الشرق الأوسط.

أصبحت السعودية تتحدث بلغة أمنها القومي واستقراره ومصالحه بعيدا عن الرؤية التقليدية المرتبطة بسياسة الولايات المتحدة الامريكية. وهذا دليل على وجود تحوّل في السياسة الخارجية السعودية مرتبط بتحولات في الداخل السعودي والاقليم والنظام الدولي.

إعادة العلاقات بين الدولتين لم يتم عبر وزارة الخارجية لكل منهما بل على مستوى المؤسسة الأمنية وهذا دليل إضافي على أنّ هذا الاتفاق مرتبط أساسا بتأمين الاستقرار الأمني أولا.

أن تتم ترجمة هذا الاتفاق في بكين برعاية صينية فهذا زلزال متوقع أن تظهر مفاعيله بعد ذلك في مسالك السياسة.

الجانب الأساسي الذي يمكن الاعتماد عليه في رصد أهمية هذا الاتفاق، هو انه كشف عن وجود تحرك دبلوماسي وسياسي جديد، تقوده الصين في منطقة الشرق الأوسط.

السعودية لم تبتعد عن واشنطن في خطوتها هذه، بل تسعى لان تكون علاقتها بالولايات المتحدة أكثر مشروطية، وذلك بإيجاد هامش استقلالية للاستفادة من تنافسات القوى الكبرى وتنويع خياراتها.

السعودية تعيش تحول سياسي ملفت وواضح أنّ محمد بن سلمان يسعى لإنجاح مشروعه الاقتصادي وكسب مكانة إقليمية وجاذبية عالمية، وهذا لن يحصل بدون ضمانات أمنية تحمي كيانه وحدوده وعلاقاته مع دول الجوار.

السعودية تعمل على تشبيك مصالحها مع الدول المصدرة للنفط وبالتحديد روسيا، والأكيد دعم مصالحها الاقتصادية مع الغرب والصين، لذلك تحرص من خلال هذا الاتفاق على تحقيق بيئة مستقرة في الجوار.

تتناغم الدبلوماسية السعودية مع استراتيجية الولايات المتحدة التي تعمل على التهدئة الإقليمية وتعويم حلفائها الاخرين، لكن في ذات الوقت لا تريد ان تبقى عالقة في الصراع المفتوح مع جيرانها، بل تسعى للمشاركة في تنافسات أكثر هدوءا وعقلانية تقبل التعاون الممكن في المصالح المشتركة.

‏بالتأكيد هذا الاتفاق يخدم أيضا المصالح الإيرانية والصينية: بالنسبة للصين، تعدّ هذه الخطوة مرحلة جديدة في استراتيجيتها الدولية لتعزيز علاقاتها مع أكبر عدد من الدول المؤثرة في المنطقة بعيدا عن الهيمنة الامريكية، وهذا يعد انتصارا استراتيجيا ودبلوماسيا، وخرقا للطوق الأمريكي المتزايد حول الصين. أمّا بالنسبة لإيران، فهذه الخطوة عمليا ستساعد في احداث اختراق في الحلف الأمريكي الصهيوني المتكالب على إيران. كما انها ستساهم في تنشيط العلاقات مع الجوار العربي والشرق الاسيوي بعيداً عن الغرب وهو ما له تأثير في التوازنات داخل إيران.

الاتفاق يعكس مصالح مشتركة محتملة وجد الطرفان أنها تستحق في هذه اللحظة السعي لاختبارها، ولكن طبعا ستبقى العلاقة قائمة على منطق المنافسة. من المبكر الان التقدير إلى أين ستصل مفاعيل هذا الاتفاق، لكن الأكيد انه بحال نجاحه ستكون عوائده كبيرة.

التهدئة بين الطرفين لا تخالف المقاربة الأميركية لتهدئة الصراعات حالياً. لكن الإدارة الامريكية حريصة على ان تبقى السعودية رهينة لسياساتها خاصة على المستوى الأمني، وعلى ان لا يصل التفاهم بين الطرفين الى حدود ضرب المصالح الامريكية الحيوية.

هذه الخطوة تؤكد على عمق التحولات الجارية في المنطقة، بكل تعقيداتها وسرعتها، ومدى تأثيرها المباشر على مجريات الازمات الحاصلة، وتشير أيضا الى بروز محفزات جديدة ومتنوعة مع القوى الدولية الصاعدة بعيدا عن الهيمنة الامريكية.

ترجمة لأهمّ المواقف الصادرة عن خبراء الأطلسي

يعتبر خبراء الأطلسي أنّ هناك محاذير كبيرة لهذه التهدئة الظاهرة بين الإيراني والسعودي يجب اخذها في عين الاعتبار:

  • دور الصين في هذا الاتفاق هو تحذير للولايات المتحدة من التخلي عن الشرق الأوسط
  • هذا التطور الدبلوماسي لا يشكّل نهاية لحقبة ولا بداية لعصر جديد.
  • حتى وان حصل الاتفاق فإيران لا تغير هدفها الاستراتيجي المتمثل في الهيمنة الإقليمية.
  • تشكّل الوساطة الصينية أول غزوة دبلوماسية رئيسية لها في الشرق الأوسط.
  • الصين تتحرك والولايات المتحدة تغرق أنفها في الدماء في الخليج.
  • المملكة العربية السعودية تلعب بعدة اوراق في وقت واحد.
  • المملكة العربية السعودية تتخذ المواقف جريئة في وجه الولايات المتحدة الامريكية.
  • قد يكون الخاسر الأكبر في كل هذا هو روسيا.
  • هذا الاتفاق هو انتصار للعراق والصين، وجرس تحذير للولايات المتحدة.
  • تعرّض مصداقية الولايات المتحدة كصانعة سلام في المنطقة للخطر.
  • الصين تتبع السيناريو الذي كتبته روسيا مع تركيا في سوريا.

يحذّر وليام ويشسلر من مسألتين “ الأولى، هي أن الصين هي التي جمعت الجانبين معًا، مع إعلان تم توقيته ليتزامن مع بدء ولاية الرئيس شي جين بينغ الثالثة. بعد سنوات عديدة من التصريحات من بكين بأنها أرادت فقط بناء علاقات اقتصادية في الشرق الأوسط ولم تسعى إلى أي تأثير سياسي، يمكننا أن نرى بوضوح أن مثل هذه التصريحات كانت خاطئة. عملت الصين على زيادة نفوذها السياسي الإقليمي بشكل مطرد على مدى عقدين من الزمن، وكان أبرزها زيارة شي إلى الرياض في ديسمبر وزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى بكين الشهر الماضي.

ثانيًا، يأتي هذا الإعلان في الوقت الذي تُنسّق فيه الولايات المتحدة وإسرائيل عن كثب الردود المحتملة على البرنامج النووي الإيراني المستمر، مع تدريبات عسكرية مشتركة وزيارات متبادلة من مستشار الأمن القومي الإسرائيلي للبيت الأبيض هذا الأسبوع، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى أوروبا حول هذا الموضوع. في حين أن البيت الأبيض قد يرحب بخفض التصعيد، فإن الحكومة الإسرائيلية لن تفعل ذلك، لأنها ستفسر الخطوة على أنها خطوة تهدف الى تقليل خطر العمل العسكري ضد إيران. لن يكون مفاجئًا إذا كان الإعلان التالي تجديد للمناقشات الأمريكية الإيرانية حول خطة العمل الشاملة المشتر (JCPOA) ، التي توسطت فيها الصين مرة أخرى. مثل هذا الإعلان سيكون موضع ترحيب في واشنطن، لكن يُنظر إليه في اسرائيل على أنه يقلل من الردع الأمريكي الإسرائيلي ضد إيران.”

  • دور الصين في هذا الاتفاق هو تحذير للولايات المتحدة من التخلي عن الشرق الأوسط

يشير جوناثان بانيكوف الى أنه” على الرغم من كل التقارير حول تنامي العلاقات الأمنية والتجارية، والتطبيع المحتمل بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، فإن التركيز الاستراتيجي الأساسي والوحيد للرياض هو تنويع اقتصاد البلاد بعيدًا عن الهيدروكربونات. ولتحقيق ذلك، ترى الرياض أن أمنها أمر بالغ الأهمية لضمان عدم تعطل عمليات التنقيب عن النفط والنقل والمبيعات وأن يُنظر إلى البلاد على أنها مكان آمن للاستثمار الأجنبي المباشر طويل الأجل. كلاهما يمكن أن يقوض بسهولة من خلال الهجمات الإيرانية أو بالوكالة الإيرانية – هذه الاتفاقية قد تقلل من هذا الاحتمال. من خلال إبرام هذه الصفقة مع المملكة العربية السعودية الآن، ربما تنظر إليها طهران على أنها فرصة لإبطاء العلاقات المتنامية بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل.. الجزء الأكثر إثارة للاهتمام في هذا التطور هو الدور الذي لعبته الصين في المساعدة في التوسط في الصفقة. ولا نخطئ في القول بأن الشرق الأوسط الذي تهيمن عليه الصين من شأنه أن يقوض بشكل أساسي الأمن التجاري والطاقة والأمن القومي للولايات المتحدة.”

  • هذا التطور الدبلوماسي لا يشكّل نهاية لحقبة ولا بداية لعصر جديد.

يعتبر توماس س. واريك أنه “لا ينبغي لواشنطن أن تبالغ في رد فعلها ولا تستخف بإعلان اليوم أن الصين لعبت دورًا في استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإيران. وقد توسطت دول أخرى صديقة للولايات المتحدة، ولا سيما العراق، في تبادلات بين دبلوماسيين إيرانيين وسعوديين ومسؤولين أمنيين. يظهر دور الصين العلني في إعلان اليوم اهتمامها بفعل شيء لم يكن بوسع دول أخرى القيام به: كسب ثقة كلا الجانبين.

من غير المرجح أن يؤدي استئناف العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض إلى تغيير كبير في الوضع الأمني في الخليج. بشكل عام، يجب على العالم أن يشيد بانخفاض التوترات بين إيران والمملكة العربية السعودية – التوترات التي أدت إلى استمرار العنف وعدم الاستقرار في اليمن والمياه المحيطة بشبه الجزيرة العربية. لأسباب جيوسياسية أكثر من كونها دينية، ستنظر إيران والمملكة العربية السعودية دائمًا إلى بعضهما البعض بعين حذرة. لذا لا تحتاج واشنطن أن ترى إعلان اليوم على أنه نهاية حقبة أو بداية لعصر جديد.”

  • حتى وان حصل الاتفاق فإيران لا تغير هدفها الاستراتيجي المتمثل في الهيمنة الإقليمية.

يشير دانيال ب. شابيرو الى أنّ “الحد من التوترات الإيرانية السعودية هو هدف أيدته الولايات المتحدة، بعد أن أعطت دعمها للجولات السابقة من هذه المحادثات في العراق وسلطنة عمان. إذا تم تنفيذه – وهو تحذير رئيسي – فقد يساعد في إنهاء الحرب في اليمن، كما سعت الولايات المتحدة، وتقليل التوترات في العراق التي أدت إلى استهداف القوات الأمريكية. المقلق هو، رؤية تنامي نفوذ الصين من خلال إظهار قدرتها على الاستفادة من علاقاتها البناءة مع كلا الجانبين. لكن كلاً من الصين والسعوديين يخوضون مقامرة كبيرة هنا، ويراهنون على النوايا الحسنة الإيرانية. لا يوجد أي مؤشر على حدوث تغيير في الأهداف الاستراتيجية للنظام في إيران، والتي تشمل الهيمنة الإقليمية التي يدعمها برنامجها النووي، والذي يستمر في التوسع على نطاق واسع من خلال وكلاء إرهابيين في لبنان والعراق واليمن. والعداء الصريح لإسرائيل، الشريك الرئيسي لدول الخليج العربي، حتى لو كان ، في حالة المملكة العربية السعودية ، بشكل غير رسمي فقط.”

  • تشكّل الوساطة الصينية أول غزوة دبلوماسية رئيسية لها في الشرق الأوسط.

 يشير جوناثان فولتون الى أنهّ “ تمكنت بكين من تكثيف العلاقات على جانبي الخليج، وكل ذلك أثناء بناء رأس المال الدبلوماسي بطريقة لا تستطيع القوى الأخرى خارج المنطقة القيام بها. التناقض الواضح هو الولايات المتحدة، التي ليس لها نفوذ إيجابي في طهران. حصلت الصين على العصا لكنها تستخدم الجزرة التي تركز على الاقتصاد والتنمية، في حين أن الولايات المتحدة هي التي تستخدم العصا فقط. فهي مهمة كأول غزو رئيسي للصين في الدبلوماسية الإقليمية. تشير بكين منذ كانون الثاني (يناير) الماضي على الأقل إلى أنها مستعدة للترويج لرؤية الشرق الأوسط غير المتمركزة حول الولايات المتحدة، وهذه علامة على أشياء مقبلة.”

  • الصين تتحرك والولايات المتحدة تغرق أنفها في الدماء في الخليج.

يعتبر أحمد عبودوح أنّ “الطموحات الصينية للوساطة بين السعودية وإيران ليست جديدة. وضعت الخطط الصينية المكونة من خمس نقاط، والتي تفاخر بها الدبلوماسي الصيني الكبير وانغ يي قبل عامين، رؤية صينية للأمن الإقليمي وكشفت لمحة عن هدف بكين في أن تصبح لاعبًا إقليميًا. بالنسبة للصين، يعزز الاتفاق شرعيتها كوسيط دبلوماسي ثقيل الوزن قادر على حل المنافسة الجيوستراتيجية الأكثر عدائية في المنطقة. يمكن أن تخلق الشروط الأولى لتغيير التوازن الاستراتيجي في سياق التنافس مع الولايات المتحدة في الخليج. إن طموحات الصين في وضع نفسها كصانع سلام ذي مصداقية لها نطاق أوسع يشمل الصراعات في سوريا وليبيا واليمن، خاصة بعد هذه الاتفاقية. إن تردد الولايات المتحدة في إنفاق المزيد من رأس المال السياسي على التوسط في النزاعات يُنظر إليه بشكل متزايد في الشرق الأوسط على أنه دليل على تراجع قوة الولايات المتحدة وتركيزها على التنافس مع الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. يمكن للاتفاقية أيضًا أن توفر للقيادة الصينية المزيد من الخيارات الاستراتيجية، حيث أن تصعيد التوترات بين الرياض وطهران يخلق طبقة رقيقة من الأمن والاستقرار اللازمين لصادرات النفط المتجهة إلى الصين، وخطوط الاتصال البحرية التجارية، واستثمارات الحزام والطريق الصينية. بالنسبة للمملكة العربية السعودية وإيران، فإن التزام الصين الظاهري بمبدأ “عدم التدخل” وسياستها الإقليمية “بعدم الانحياز” قد أعطى مصداقية كبيرة لموقفها كوسيط”.

  • المملكة العربية السعودية تلعب بعدة اوراق في وقت واحد.

يشير كارميل اربيت الى أنّ “ السعوديون انتهازيون في كل منعطف: إنهم يواجهون التوترات المتصاعدة في الداخل، وتضاؤل النفوذ في العالم الإسلامي، والعلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة. ولذا فهم يقومون بالتحوط.

أظهرت الإمارات أنها تستطيع إيجاد توازن دقيق من خلال الحفاظ على علاقات هادئة ولكن ودية مع الإيرانيين وعلاقات دافئة مع الإسرائيليين في وقت واحد. يتفهم الطرفان ويقدران المصالح الجيوسياسية لجيرانهما. لذا، اعتقد انه لن تتأخر إسرائيل في مغازلة السعوديين نتيجة لهذا الإعلان.

يطالب السعوديون بمطالب ضخمة مقابل التطبيع – بما في ذلك الضمانات الأمنية والتكنولوجيا النووية المدنية – ولم تقدم الولايات المتحدة حتى الآن أي مؤشر على استعدادها لدفع ثمن باهظ دون تغييرات كبيرة في المملكة العربية السعودية. السعوديون يعرفون ذلك. لذا فهم يلعبون بعدة أوراق في آنٍ واحد – الصفقة الإيرانية تساعدهم على التقرب أكثر من الصينيين، الذين تفاوضوا على الاتفاقية؛ ويمكن أن تعزز صورتهم في العالم الإسلامي (والذي يمكن أن يساعد بدوره في تخفيف آلام التطبيع)؛ ويعزز دور المملكة العربية السعودية كقائد في منطقة ديناميكية بشكل متزايد تبحث عن مزيد من الاستقلال عن الولايات المتحدة.”

  • المملكة العربية السعودية تتخذ المواقف جريئة في وجه الولايات المتحدة الامريكية.

يعتبر على بكير أنه “ يجب أن يفتح هذا التطور أعين واشنطن على أمرين: أولاً، يجب على الولايات المتحدة ألا تقلل من أهمية هذه المبادرة، ويجب أن تولي اهتمامًا أكبر لمثل هذه التطورات نظرًا لتداعياتها المستقبلية على مصالحها في المنطقة. ثانيًا، ستمنح الاتفاقية الصين دفعة ناعمة في المنطقة. حتى الآن، فازت الصين بالمنطقة اقتصاديًا. إذا عززت وجودها الدبلوماسي والسياسي، فهذا يعني أنه لم يبقى لديها سوى خطوة واحدة لتصبح لاعبًا صاعدًا في المجال الأمني في المنطقة في المستقبل.”

  • قد يكون الخاسر الأكبر في كل هذا هو روسيا.

يعتبر مارك كاتس أنّ “ استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران بعيد كل البعد عن اتفاق سلام أو تسوية أي من الخلافات العديدة بينهما. في أقل تقدير، سيُنظر إلى الصين على أنها بديل للولايات المتحدة كوسيط في الشرق الأوسط. الخاسر الأكبر في كل هذا قد يكون في الواقع روسيا. لطالما أعلنت موسكو عن نفسها كبديل لواشنطن وكوسيط فعال في الشرق الأوسط لأن روسيا تعمل بشكل فعال مع إيران بينما الولايات المتحدة لا تفعل ذلك. لكن من الواضح أن الصين تستطيع ذلك أيضًا.”

  • هذا الاتفاق هو انتصار للعراق والصين، وجرس تحذير للولايات المتحدة.

يعتبر أندرو بيك أنّ “ تطبيع العلاقات بين إيران والسعودية هو نتيجة أخرى لبحث الخليج عن الأمن في منطقة ما بعد الولايات المتحدة.”

يعتبر مسعود مستجبي بأنّ “ يمثل الإعلان عن انفراج دبلوماسي بين جمهورية إيران الإسلامية والمملكة العربية السعودية، بوساطة الصين، إنجازًا مهمًا في الدبلوماسية الإقليمية ويمكن أن يشير إلى حقبة جديدة في الشرق الأوسط. هذا التطور، الذي يجمع بين لاعبين إقليميين رئيسيين بعد سنوات من العداء، يؤكد وجود الصين المتنامي في المنطقة ويشكل تحديًا للولايات المتحدة، التي من المرجح أن تحاول تقويض هذه الجهود.

تعرضت مصداقية واشنطن كصانع سلام في المنطقة للخطر بسبب عدم موثوقيتها المتصورة وميلها للانحياز إلى جانب في النزاعات، كما هو الحال في اليمن وسوريا. في المقابل، يُنظر إلى الصين على أنها وسيط مرن يتجنب الانحياز إلى أي طرف. إذا استمر هذا الاتجاه، فقد يلجأ المزيد من اللاعبين الإقليميين إلى الصين كوسيط ويثقون بها أكثر من الولايات المتحدة.”

  • الصين تتبع السيناريو الذي كتبته روسيا مع تركيا في سوريا.

أماّ ميشيل دوكلوس، فيعتبر أنّ “ يمكن اعتبار الوساطة الصينية بمثابة تحرك مكمل لما يسمى “خطة السلام”، أو بشكل أكثر دقة “ورقة موقف position paper” لبكين بشأن الحرب الأوكرانية. السمة اللافتة للنظر بالطبع هي أن الصين وقوى الجنوب العالمي لم تعد بحاجة بعد الآن إلى الاعتماد على بعض الإجراءات من الغرب. وبهذا المعنى، فإن الصين تتبع السيناريو الذي كانت روسيا نفسها هي أول من كتبته من خلال تنظيم تعاون في عملية أستانا مع تركيا وإيران بشأن إدارة الأزمة السورية. في هذا السياق، يظهر سؤالان. أولا، هل هناك متابعة للصيغة الصينية – السعودية – الإيرانية؟ هل هذا “الانقلاب الدبلوماسي” الصيني بداية لانخراط سياسي أعمق لبكين في المنطقة؟ ثانيًا، هل يمكن أن تصبح الوساطة الصينية الناجحة الأولى نموذجًا لدبلوماسية صينية أكثر حزماً ليس فقط في الشرق الأوسط ولكن على المسرح العالمي؟ قد يعتبر المرء أنه من المعقول تمامًا أن العديد من البلدان في الشرق الأوسط تتوقع نوعًا من الوساطة الخارجية لا تأتي من الغرب – بسبب خيبة الأمل تجاه السياسات الأمريكية والغربية – ولا من روسيا – بسبب أوكرانيا. يبدو أن الصين في وضع جيد لملء الفراغ.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى