تقارير سياسية

خلاصة تحليلات: الخطاب العربي تجاه حكومة نتنياهو

لاقت الحكومة الصهيونية الحالية برئاسة نتنياهو ترحيبًا دوليًا وعربيًا فاترًا بتشكيل حكومته الائتلافية من الأحزاب والشخصيات الأكثر تطرفًا في كيان العدو، منتصف ليل الأربعاء 21 كانون الأول/ ديسمبر 2022، عقب انتخابات الكنيسيت الأخيرة في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وقال محللون إن هذه الحكومة هي الأكثر يمينية وتطرفًا في تاريخ الكيان المؤقت، حيث وقع ما كانت تخشاه الدول العربية المطبعة والتي على مسار التطبيع مع تل أبيب، والتي ادعت أن الاتفاقيات الخيانية مع كيان العدو، سوف تساهم في إرساء السلام وتشكيل دولة فلسطينية، وبتعبير آخر حل الدولتين، إلا أن اقتحام المسجد الأقصى المبارك من قبل وزير الامن الصهيوني  إيتمار بن غفير المعروف بآرائه اليمينية المتطرفة، والمتهم في الماضي بالتحريض على العنصرية ودعم حركة “كاخ”، المحظورة في الولايات المتحدة والكيان المؤقت، بعد مرور أقل من أسبوعين على تشكيل حكومة نتنياهو، الامر الذي أدى لإشعال مواجهات وعمليات فدائية بوتيرة متصاعدة الى اليوم. وعلى ما يبدو استهوت الشعبوية وزيرا آخر هو وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش، الذي صرح في باريس، عشية شهر رمضان المبارك، خلال إحياء ذكرى وفاة الناشط الفرنسي-الإسرائيلي المقرب من اليمين الصهيوني، جاك كوبفر، بأنه “لا يوجد فلسطينيون؛ لأنه لا يوجد شعب فلسطيني”، وفق ما جاء في مقطع مصوّر تمّ تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وخلال الفعالية ذاتها، استخدم سموتريتش خريطة للكيان المؤقت تضم حدود المملكة الأردنية الهاشمية والأراضي الفلسطينية المحتلة، مما أثار موجة من الانتقادات الدولية والعربية، لا سيما الأردنية والفلسطينية.

أولا، المواقف العربية الرسمية

في التالي نعرض مجموعة من مواقف وتصريحات الدول العربية على مجموعة الاحداث منذ تشكيل حكومة نتنياهو الجديدة:

جامعة الدول العربية

أدان مجلس جامعة الدول العربية، على مستوى المندوبين الدائمين، الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني بحق المصلين المسلمين العزل في المسجد الأقصى.

مجلس التعاون الخليجي

أعرب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج جاسم محمد البديوي، عن إدانته واستنكاره الشديدين لاستمرار اقتحام قوات الاحتلال المسجد الأقصى، ودعا الأمين العام لمجلس التعاون المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوقف هذه التحركات الممنهجة من قبل سلطات الاحتلال.

الأردن

عبّر الأردن عن غضبه على سلوك وزير المالية الصهيوني بتسلئيل سموتريتش بعد أن تم تصويره وهو يتحدث بجوار منبر يحتوي على خريطة للكيان المؤقت بحدود موسعة تضم المملكة كجزء من الدولة الصهيونية، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأردنية سنان المجالي: “إنه سلوك استفزازي غير مسؤول من قبل وزير شاغل المنصب وبمثابة خرق للأعراف الدولية ومعاهدة السلام الأردنية الصهيونية، وهذا السلوك المتطرف يدفع باتجاه التصعيد”.

طالبت الخارجية الأردنية المجتمع الدولي بإدانة تصريحات الوزير الصهيوني، داعية حكومة بنيامين نتنياهو إلى “اتخاذ موقف صريح وواضح” منها؛ “لما تمثله من تصعيد خطير يهدد الأمن والاستقرار، ويدفع باتجاه التصعيد”.

الأمير حسن بن الحسين (عم الملك عبد الله)، شن هجوما عنيفا على الاحتلال الصهيوني بعد تصريحات سموتريتش، وقال خلال مداخلة مع إذاعة محلية، إن تصريحات وزير المالية الصهيوني بتسلئيل سموتريتش تمثل اختراقا للنواميس والخلق، وقال إن “معركة الكرامة حدث جلل؛ لأنها أوقفتنا على أرجلنا في هذه الأرض الطيبة، بعد ما حل بنا نتيجة للسياسات الارتجالية في العالم العربي، وهي بطولة ومقاومة”.

دعا وزير الداخلية الأسبق، سمير الحباشنة، إلى إعادة فورية لخدمة العلم (التجنيد الإلزامي)، وأضاف الحباشنة داعيا لتسلّح الأردنيين: “أدعو الشعب الأردني، بكل أطيافه، أن يخزن السلاح، وأن يخزن الذخيرة، لأنني أعتقد أن هذه الحكومة التي تضم 40 بالمئة من المتطرفين، ستأتي بعدها حكومة أغلبية للمتطرفين في ظل تنامي التطرف داخل الاحتلال، وبالتالي فإن الأردن مهدد بنفس الدرجة المهددة بها الدولة الفلسطينية”.

السلطة الفلسطينية

أدان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية تصريحات سموتريتش التي أنكر فيها وجود الشعب الفلسطيني وأنه اختُرع في آخر 100 عام. وأكد اشتية أن تلك التصريحات دليل قاطع على الفكر العنصري المتطرف الذي يحكم أطراف الحكومة الإسرائيلية الحالية.

دعت الخارجية الفلسطينية المحكمة الجنائية الدولية لاعتقال سموتريتش بعد تصريحاته بحق الشعب الفلسطيني، مضيفة أنها “تستهجن سماح السلطات الفرنسية لسموتريتش بإطلاق تصريحاته العنصرية والفاشية من أراضيها”.

الامارات العربية المتحدة

رئيس الإمارات محمد بن زايد، أرسل مستشاره خلدون المبارك لإيصال رسالة إلى الحكومة الإسرائيلية بشأن معاملتها للفلسطينيين. ونقل عن مبارك قوله لنتنياهو: “توجه هذه الحكومة يتعارض تماما مع اتفاقات أبراهام”، في إشارة إلى اتفاقات التطبيع التي وقعت بين الكيان المؤقت وحكومات الإمارات والبحرين والمغرب، عام 2020.

وفقاً لموقع “تايمز أوف إسرائيل”، فإن المبارك الذي التقى أيضا بالرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، قال لنتنياهو إن تصعيد حكومته ضد الفلسطينيين يخلق عدم استقرار إقليمي، وحسب الموقع، ركز اللقاء بشكل خاص على المسجد الأقصى خلال شهر رمضان المبارك، حيث حذر الموفد الإماراتي نتنياهو من أن أي خطأ صهيوني قد يضر بالعلاقات مع الإمارات العربية المتحدة.

وفقًا لتقرير للقناة 12 الإسرائيلية، حذر المبارك نتنياهو من أن عدم الاستقرار سيكون له تأثير ضار على الاستثمارات المالية الإماراتية في الكيان المؤقت، بقوله لنتنياهو: “وضعك لا يبدو جيدًا وقد يؤثر على استثماراتنا”.

وكان من المقرر أن يقوم نتنياهو بأول زيارة رسمية له إلى أبو ظبي في يناير الماضي، لكن الإمارات ألغت الزيارة بعد اقتحام وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير المسجد الأقصى.

قطر

أعربت دولة قطر عن إدانتها بشدة للعدوان الصهيوني على قطاع غزة وجنوب لبنان، ودعت جميع الأطراف إلى “وقف التصعيد والتهدئة وممارسة أقصى درجات ضبط النفس”.

مصر

أعرب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، عن “قلق مصر البالغ نتيجة التصعيد المتسارع والخطير الذي تشهده المنطقة، وطالب المتحدث باسم الخارجية المصرية جميع الأطراف بـ”ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، والتجاوب مع الجهود المبذولة للتهدئة وحقن الدماء وحماية الأرواح”، محذراً من المخاطر البالغة التي تحيق بالمنطقة إذا استمرت موجة العنف الحالية.

رفضت مصر تصريحاته سموتريتش، والذي أثار غضبًا عالميًا عندما قال إنه يجب محو بلدة حوارة، وقالت الخارجية المصرية، في بيان، إنها “ترفض تلك التصريحات غير المسؤولة والتحريضية بشأن فلسطين، وما تحمله من إيماءات عنصرية تنكر حقائق التاريخ والجغرافيا، وتؤجج مشاعر الغضب”.

المملكة العربية السعودية

أعربت وزارة الخارجية السعودية عن إدانتها الاقتحام السافر الذي نفذه مستوطنون صهاينة لباحات المسجد الأقصى الشريف، وسط حماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدةً أن هذه الممارسات تقوض جهود السلام وتتعارض مع المبادئ والأعراف الدولية في احترام المقدسات الدينية، وجدّدت الوزارة تأكيدها “موقف المملكة الراسخ في دعم جميع الجهود الرامية إلى إنهاء الاحتلال والوصول إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، بما يمكن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية”. ​

سلطنة عمان

أعربت سلطنة عُمان في بيان للخارجية: “عن إدانتها واستنكارها للتصريحات العنصرية المتطرفة التي أنكر فيها وجود الشعب الفلسطيني، واستخدامه خريطة تتنافى مع الحقائق والقانون الدولي”.

البحرين

أدانت البحرين في بيان للخارجية، مواقف الوزير الصهيوني ضد الوجود الفلسطيني وسيادة الأردن، مؤكدة رفض خطاب التحريض والممارسات التي تقوض الجهود والسلام الدولي.

الجزائر

أدانت الجزائر “الاعتداءات الإسرائيلية الهمجية على جموع المصلين والمعتكفين في المسجد الأقصى”، ووصفتها بـ”الممارسات الإجرامية”. وأفاد بيان للرئاسة الجزائرية بأن “الجزائر تدين بأشد العبارات إقدام سُلطة الاحتلال الإسرائيلية على اقتحام المسجد الأقصى الشريف والاعتداءات على المصلين والمعتصمين”، واعتبرت الجزائر أن “هذه الممارسات الإجرامية الوحشية تمثّلُ تعديّاً سافراً على الأماكن المقدسة وانتهاكاً صارخاً لجميع القوانين والأعراف الدولية”، كما أنها “تشكل تصعيداً خطيراً وتأجيجاً لمشاعر جميع المسلمين، لا سيما في هذا الشهر الفضيل المبارك”.

تونس

أدانت تونس بشدة اقتحام القوات الصهيونية المسجد الأقصى والاعتداء على المصلين، داعية المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته تجاه الشعب الفلسطيني، وحمّلت تونس “الكيان المُحتلّ مسؤولية ما قد تؤول إليه الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المُحتلة جرّاء تكرّر الاعتداءات على الأماكن المُقدّسة والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان”.

المغرب

دانت وزارة الخارجية المغربية في بيان، اقتحام القوات الصهيونية المسجد الأقصى المبارك والاعتداء على المصلين وترويعهم خلال شهر رمضان المبارك.

سوريا

أدانت الخارجية السورية ‘تصريحات وتصرفات وزير المالية الصهيوني بتسلئيل سموتريتش العنصرية تجاه الأردن وفلسطين’، وجاء في بيان وزارة الخارجية والمغتربين: “لا تستغرب سوريا التصريحات العنصرية المتكررة لمسؤولي الكيان الصهيوني، فهي تعبير واضح عن حقيقة هذا الكيان ومدى عدوانيته وأطماعه التوسعية في دول المنطقة، وحجم استهتاره بأبسط قواعد القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة”، ولفت البيان إلى تأكيد سوريا وقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني لنيل كل حقوقه، بما في ذلك استقلاله وإنشاء دولته المستقلة وعاصمتها القدس، كما تؤكد دعمها لسيادة المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة ووحدة وسلامة أراضيها.

ثانيا، تحليل المواقف العربية الرسمية

لا شك أن كل اشتعال للموقف الأمني في فلسطين المحتلة يتسبب بإحراج كبير للدول العربية، لا سيما تلك المطبعة مع الكيان المؤقت، إلا أن العامل المشترك بين الانتقادات الرسمية العربية لحكومة نتنياهو أنها تتماهى مع الموقف الأميركي السلبي من هذه الحكومة، الامر الذي شجعها على رفع سقف الانتقادات اتجاهها، وهذا ما يفسر الفتور الذي استقبلت به الحكومات العربية تشكيل الحكومة الصهيونية الجديدة برئاسة نتنياهو منذ البداية.

في التصنيف، يمكن ملاحظة التالي:

  • دول شددت انتقاداتها على انتهاك بن غفير لحرمة المسجد الأقصى على وجه الخصوص، ضمت جُل الدول العربية.
  • دول شعرت بتهديد وجودي، بعد أن تم تصوير وزير المالية الصهيوني بتسلئيل سموتريتش وهو يتحدث بجوار منبر يحتوي على خريطة للكيان المؤقت بحدود موسعة تضم المملكة كجزء من الدولة الصهيونية، وعلى رأسها الأردن والسلطة الفلسطينية وسوريا.

في المحصلة واجه بنيامين نتنياهو منذ تشكيله الحكومة العديد من الأزمات، بداية بتوزيع الحقائب الوزارية مرورا بأزمة الاحتجاجات التي انفجرت ضد خطة إصلاحات القضاء، وليس ختاما بحالة التوتر على عدة جبهات منها الضفة الغربية والقدس وغزة ولبنان. يبدو الواقع الصهيوني الداخلي فوضوي، وهناك تصدعات خطيرة داخل حكومة نتنياهو وحزبه الليكود، علاوة على التحذيرات القاسية والقلق من قبل الإدارة الأمريكية والعديد من دول المنطقة والعالم، إضافة الى أن الكيان المؤقت يواجه حملة يقودها محور المقاومة لتثبيت معادلة وحدة الساحات، والتي ساعدها الاتفاق الإيراني السعودي برعاية صينية، الامر الذي تسبب نظريا على الأقل بتفكك البيئة الأمنية الإقليمية التي سعى الكيان الصهيوني بمساعدة من الولايات المتحدة الامريكية لبنائها في مقابل محور المقاومة، ووضع الامن القومي للكيان المؤقت في حالة انكشاف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى