تقارير اقتصادية

الهيمنة الأمريكية على المالية العراقية.. دور البنك الفيدرالي الأمريكي

الدكتور بلال الخليفة

ملخص تنفيذي

بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، سعت سلطة الاحتلال إلى تشكيل نظام عراقي يحافظ على نفوذها فيه على المستوى البنيوي. ومن هذه الأمور النظام الاقتصادي التي تم تأسيسه عبر إنفاذ دور البنك الفيدرالي الأمريكي في التحكم بعائدات مبيعات النفط الخاص بالعراق، وسعر صرف الدينار العراقي وغيره من الأمر التي تمكّن الولايات المتحدة الأمريكية من المحافظة على سيطرتها في العراق. لذا فإن توظيف البنك الفيدرالي الأمريكي لعائدات مبيعات النفط يتمظهر على الشكل التالي:

  • قابلية الضغط على الحكومة من خلال موردها المالي الأساسي في تشكيل موازنتها، والمحدد لسعر صرف الدينار العراقي.
  • التحكم بحجم وتوقيت الأموال التي تخرج من البنك الفيدرالي الأمريكي إلى العراق.
  • الاستفادة التي تراكمها البنوك الأمريكية عبر الاقتراض من الأموال العراقية بفائدة قليلة جدًا، واستفادة الشركات الناقلة لهذه الأموال من الولايات المتحدة الأمريكية إلى العراق وأجور التأمين والحماية.
  • الحفاظ على مركزية الدولار في عملية شراء النفط العراقي، خصوصًا بعد الاتفاقيات التي تقوم بها الصين وغيرها من الدول للتبادل بالعملات المحلية.

إذا تبين هذه الدراسة العملية التقنية التي يهيمن فيها الأمريكي على جزء من القطاع المالي العراقي، مخترقًا سيادة العراق، وموظفًا أموال العراق لصالحه على حساب العراقيين أجمعهم.

مقدمة

إن العراق وبعد عام 2003 شهد احتلالاً وتغييرًا لنظامه الدكتاتوري إلى نظام اتحادي فدرالي برلماني ووضع تحت الوصاية الامريكية والبند السابع. وتحت ذريعة المطالبة بالتعويضات لبعض الدول المتضررة من سياسات صدام ضدها تم وضع أموال العراق المتأتية من بيع النفط، الإيرادات النفطية، في البنك الفدرالي الأمريكي كي تحميه من مطالب التعويض. وكما وتم بتأسيس البنك المركزي العراقي ذي القانون 56 لسنة 2004 وفق صلاحية الإدارة المؤقتة لسلطة الائتلاف التي تدير العراق.

 ومنذ ذلك الوقت والى اليوم تذهب الإيرادات النفطية نتيجة بيع العراق للنفط الى البنك الفدرالي الأمريكي بعد استقطاع 5 % من تلك الأموال كتعويضات لدولة الكويت، والتي تم سدادها العام الماضي.

وبعد ذلك تتحول الى حساب البنك المركزي العراقي بعد ارسال طلب من وزارة المالية العراقي الذي يوضح اين سيتم صرف تلك الأموال وحيث يتم تدقيق تلك الطلبات من قبل الفدرالي وهذه العملية تستغرق بحدود 20 يوم.

تنقل تلك الأموال الى البنك المركزي العراقي في بغداد بطائرات محملة بتلك الأموال وعن طريق الطائرات وحيث ان كل طائرة تحمل نصف مليار دولار الأمر الذي يرتب على هذه العملية أجور نقل وحماية وتامين تُدفع من الخزينة العراقية.

فُتح حساب في بنك الاحتياطي الفدرالي في نيويورك، استنادا إلى قرارات مجلس الأمن الدولي المرقم 1483 في عام 2003 التي صدرت بعد إسقاط النظام السابق والذي رفع الحظر الاقتصادي عن العراق واعاده الى وضعه ما قبل عام 1990 والذي كان في احد فقرات القرار انشاء صندوق تنمية العراق، وقد منح هذا الحساب حصانة دولية حتى لا يكون عرضة للحجز أو المصادرة نتيجة قرارات محاكم دولية، قد تصدر عن دعاوى ومطالبات ضد النظام السابق.

في بداية الامر كان هنالك صندوقين الأول هو صندوق تنمية العراق ويشمل 95% من الإيرادات النفطية والصندوق الاخر هو صندوق التعويضات وتكون نسبته 5% وهي في اغلبها تذهب الى الكويت فيما بعد لان الكثير من الدول اسقطت ديونها الا الكويت.

في 15 /6 /2003 صدر الامر 2 من قبل مدير سلطة الائتلاف بول بريمر الذي اودع اموال صندوق تنمية العراق لدى البنك الفدرالي الامريكي في نيويورك وتكون الاموال تحت ادارته بشكل مباشر ومدير تعينه إدارة البنك المركزي العراقي بالتعاون مع البنك الفدرالي.

بعد الاتفاقية الأمنية المسماة بالاتفاقية الاطارية بين العراق والولايات المتحدة الامريكية والتي خرجت القوات الامريكية من العراق وبذلك يكون الاحتلال قد انتهى رسميا من العراق، وعلى اثر ذلك وفي 15/12//2010 صدر القرار 1956من مجلس الامن بجلسته 6450 الذي انهى وجود صندوق تنمية العراق بطلب من الحكومة العراقية عبر رسالة من رئيس الحكومة السيد نوري المالكي وانهاء الرقابة والحصانة والاشراف على البنك المركزي العراقي، والذي جدد الاتفاق مع البنك الفدرالي للابقاء على الاموال العراقية لديه على ان تكون سلطة الاموال وادارتها من قبل البنك المركزي العراقي لكن بشروط وشفافية البنك الفدرالي الامريكي

اما صندوق التعويضات فقد انتهى بانتهاء الديون المترتبة على العراق الى الكويت استنادا الى قرار مجلس الامن المرقم 687 تحت الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة عام 1991، وكان ذلك في 23/12/2021 إنه تم تسديد الدفعة الأخيرة المتبقية من تعويضات دولة الكويت، وقيمتها 44 مليون دولار، من مجموع 52.4 مليار دولار وبذلك يكون العراق، بعد أكثر من 31 عاما من غزوه للكويت، قد أتمّ سداد كامل مبلغ التعويضات التي أقرّتها لجنة الأمم المتحدة للتعويضات التابعة لمجلس الأمن الدولي، بموجب القرار 687 لعام 1991.

وبالتحديد، اتخذ مجلس الأمن في الجلسة 8972 يوم 22 شباط 2022 قراره رقم 2621 بتصفية حساب التعويضات وإغلاقه، وإعادة المتبقي للعراق وحل لجنة التعويضات نهاية عام 2022 والتي كان آخر اجتماع لها في التاسع من كانون الأول، ونفّذ القرار. ونهاية عام 2022، كما تقدم، أُغلِق ملف التعويضات وتحرر المورد النفطي من هذا القيد. وبهذا لم يعد من الضروري استلام إيرادات النفط في حساب وحيد لا في الاحتياطي الفدرالي ولا أي مكان آخر. 

دورة النقد في العراق

  1. أموال الإيرادات النفطية تذهب الى البنك الفدرالي الأمريكي
  2. تتحول الى البنك المركزي العراقي
  3. يتم بيع الدولار بمزاد العملة
  4. شراء الدولار من قبل التجار العراقيين ومؤسسات الدولة
  5. شراء البضائع من الخارج بالدولار
شكل يوضح دورة النقد في العراق

الحركة الأولى للأموال

البنك الفدرالي الأمريكي يحصل على الدولار نتيجة بيع النفط العراقي وتحويل مبالغ النفط من قبل الشركات التي اشترت النفط، اما تحويلة الى البنك المركزي العراقي فيتم ببيعه من وزارة المالية للبنك المركزي العراقي وبذلك يتحول من الفدرالي الى المركزي، اما المركزي ولغرض الحصول على السيولة المالية بالدينار العراقي ولغرض توفير الدولار للتاجر العراقي تحول الدولار الى مزاد العملة لبيعه والحصول على الدينار العراقي، ثم بعد ذلك يحصل التاجر على الدولار الذي يحتاجه لشراء البضائع والسلع من الخارج.

نظام سويفت

“سويفت” اختصار لجمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (The Society for Worldwide Interbank Financial Telecommunications)‏، وهي منظمة تعاونية لا تهدف للربح تقوم بتقديم خدمة المراسلات الخاصة بالمدفوعات المالية على مستوى عالٍ من الكفاءة وبتكلفة مناسبة. نشأت فكرة “سويفت” في نهاية الستينيات مع تطور التجارة العالمية، وتكونت المنظمة العام 1973 ومقرها الرئيس بلجيكا، وبدأ نشاطها العام 1977.

وبحسب آخر إحصائية صادرة عن منظمة “سويفت”، فقد تجاوز عدد المؤسسات المالية والبنوك المشاركة فيها 11507 مشتركا، حتى نهاية شهر آذار2020، موزعين على أكثر من 200 دولة حول العالم.

نظام سويفت يجعل تدفق الدولار الأمريكي تحت علم وانظار الولايات المتحدة الامريكية وهو تقريبا سيطرة وهيمنه على الاقتصاديات العالمية بصورة غير مباشرة والذي استخدمته أمريكا سياسيا في كثير من الأحيان ومنها اخراج الجمهورية الإسلامية في إيران وأخيرا اخراج روسيا من النظام في شباط من عام 2022 وهو جزء من العقوبات الغربية ضد روسيا نتيجة الازمة الأوكرانية،

ووفقاً لجمعية “روسيفت” الوطنية الروسية، تعد روسيا ثاني أكبر دولة بعد الولايات المتحدة من حيث عدد مستخدمي نظام “سويفت”، حيث تنتمي حوالي 300 مؤسسة مالية روسية إلى النظام، أي أن أكثر من نصف المؤسسات المالية الروسية أعضاء في “سويفت”.

لكن روسيا تمتلك بنية تحتية مالية محلية خاصة بها، بما في ذلك نظام SPFS للتحويلات المصرفية ونظام Mir لمدفوعات البطاقات، على غرار أنظمة Visa و Mastercard.

النظام التحويل المالي الصيني

أطلقت الصين نظام مالي خاص بها وهو خدمات CIPS في عام 2015 لتدويل عملتها الايوان الصيني وكان ذلك بدعم من بنك الصين الشعبي PBOC وهو يشبه الى حد كبير نظام سويفت العالمي وان بنيته التحتية تمتد الى 6 قارات 47 دولة ومنطقة مختلفة بالعالم وان البنوك الروسية استخدمته بالإضافة الى نظامها الداخلي بعد فرض العقوبات الغربية عليها في التحويلات المالية التي تخصها.

الحركة الثانية للأموال

 هي من البنك الفدرالي الأمريكي الى البنك المركزي العراقي بطائرات، وهذه العملية تم الكلام عنها اعلاه. وهنا أيضا توجد الان مشكلة وهي ان الولايات المتحدة الامريكية قللت من تحويل الأموال الى العراق لأسباب سياسية معروفة وأسباب اقتصادية داخلية.

الحركة الثالثة للاموال

هي من البنك المركزي الى مزاد بيع العملة، حيث تم تأسيس مزاد العملة في عام 2003 حيث تبنّى العراق نظام اقتصادي مختلف عن النظام الاشتراكي في العراق قبل عام 2003، إذ تحول الى اقتصاد السوق المفتوح الذي أكده الدستور وشرعه الحاكم المدني “بول برايمر” في عام 2004، ويعد المزاد الوحيد في منطقة الشرق الأوسط، وذلك ضمن مساعيه لرفع قيمة الدينار العراقي، وكانت عمليات البيع تبلغ أكثر من 200 مليون دولار في بعض الأحيان، وهذا المبلغ هو عادة من إيرادات النفط العراقي المباع.

للعلم ان احتياج العراق من توفير السيولة المالية عن طريق بيع العملة يتراوح بحدود 170 مليون دولار يوميا لكن المزاد يبيع أكثر من ذلك في الأعوام السابقة وصل بيعة في عام 2022 وعام 2021 الى حدود 300 مليون دولار وهو مؤشر خطر جدا لأنه يعني استنزاف للعملة الصعبة ويعني أيضا ان البيع يتجاوز الاحتياج وهذا يعني انه غسيل أموال.

ان احتياج الحكومة من السيولة النقدية الشهرية الى الرواتب والاحتياجات الضرورية لتسيير الأمور اليومية فقط هو بحدود 6 تريليون دينار عراقي أي بحدود الأربعة مليار دولار شهريا وبالتالي يحتاج البنك المركزي ان يبيع بحدود 130 مليون دولار يوميا والبقية هي 40 مليون دولار يوميا احتياج السوق من التجارة وما فاض عن ذلك هو غسيل أموال، للعلم ان تطبيق المنصة الالكترونية خلقت هنا أيضا عائق وعامل رفع من سعر الدولار الأمريكي.

الحركة الرابعة

ان التجار في السابق تكون عملية الشراء للبضائع عن طريق التحويلات الخارجية عن طريق شركات تحويل التي لا تتطلب منه سوى معلومات بسيطة وحيث يتعامل صاحب شركة التحويل مع مصرف اخر والذي بدورة يذهب بالأخير الى البنك المركزي العراقي ويقدم الوصولات والتي بدورها تبيع له العملة بالدولار طبقا لتلك الوصول، اما ما جرى في مطلع عام 2023 هو ان البنك المركزي العراقي غير نظامه المصرفي الى نظام سويفت الحديث والذي يحتاج الى معلومات دقيقة عن التاجر كي يقوم بالتحويل المالي ومن تلك المعلومات هي اسم التاجر واسم شركته ونوع البضاعة وكمية البضاعة والمنفذ الذي ستدخل منه تلك البضاعة، ولان التجار لا يريدون ان يتعاملوا مع إجراءات بيروقراطية معقدة وانهم يريدون التهرب من الضريبة فانهم يعمدون الى شراء الأموال من السوق السوداء لتلبية احتياجاتهم وهنا كان السبب الرئيسي في ارتفاع سعر الدولار نتيجة ارتفاع الطلب، للعلم ان تلك الأموال تهرب الى إقليم كردستان العراق بسيارات او بطائرات ومن ثم يتم ترسيمها رسميا وتدخل النظام المصرفي الكردي الذي يتم تحويلة ونقله الى تركيا او عمان او دبي.

الازمة المالية في مطلع عام 2023

اجتمع وفد البنك المركزي العراقي يوم الجمعة الموافق 2023/2/10 لساعات طويلة بكل من وفد البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ووزارة الخزانة الأمريكية في العاصمة واشنطن.

العراق دولة مستقلة تامة السيادة حرة التصرف بمواردهاـ وأقتطِف من بيان رئيس مجلس الأمن في 15 كانون الأول عام 2010 في الجلسة التي اتخذ بها القرارات 1956، 1957، و1958 التي أنهت الصندوق العراقي للتنمية، وأمَرَت بتصفية برنامج النفط مقابل الغذاء، وأن العراق أنجز التزاماته بنزع الأسلحة وما إليها

أساس المشكلة

1 – الأسباب الفنية

ذكرنا سابقا ان السبب هو فني وهو الغاء العمل بتحويل الأموال عن طريق شركات التحويل والتي تفرض عمولة ومن ثم مصرف والذي بدورة يفرض عمولة أخرى وبالأخير البنك المركزي، حيث اراد العملية ان تكون مباشر عن طريق البنك المركزي لمعرفة تدفق الأموال وضبط عمليات غسيل الأموال ولمعرفة المواد الداخلة للعراق بالتحديد وكمية الضريبة المفروضة على التاجر.

كان المفروض من البنك المركزي العراقي ان يجد حلول واقعية قبل المضي بذلك الاجراء، التي ترفع من الطلب على العملة الأجنبية

2 – الأسباب الخارجية

ان مزاد العملة قد مضى عليه 19 سنة وان الامريكان يعلمون بالإجراءات المتبعة في العراق من تحويلات مالية والسؤال هنا لماذا اختارت أمريكا الوقت الحالي وهل ان العقوبات التي تفرضها أمريكا على الجمهورية الإسلامية دخل بالموضوع؟ نعم هذا الاحتمال وارد جدا رغم عدم تصريح البنك الفدرالي الأمريكي بذلك، ان معرفة طريق ومكان الدولار هو سبب رئيسي لمنعه من الوصول الى الجمهورية الإسلامية في إيران لان العراق يمتلك تجارة مع الجمهورية بمختلف السلع ويصل التبادل التجاري بحدود 8 مليار دولار سنويا، وبالتالي ان العملية الجديدة من تحويلات مالية ستمنع التجار العراقيين من تحويل المبالغ الى الجمهورية الإسلامية مقابل السلع التي يتم شرائها.

للعلم وكما قلنا سابقا ان سبب وضع الأموال في الفدرالي الأمريكي وعلى لسان القادة الامريكان هو لحفظ الأموال من الحجز من قبل طالبي التعويض من النظام السابق، لكن هذا الامر فيه عدة ملاحظات منها:

أ – ان العراق قام بتسديد جميع الديون المترتبة عليه نتيجة دخول نظام صدام لدولة الكويت وما ترتب عليه من تعويضات المتضررين من نظامه.

ب – من غير الممكن ان تحجز أموال العراق من قبل أي مدعي او نظام او شركة دون قرار قضائي دولي صادر من محكمة العدل الدولية او مجلس الامن وهذا يستبعد هذا الاحتمال إضافة الى عدم وجود دعاوي الان.

ج – ان أموال البنوك المركزية ومنها البنك المركزي العراقي هي أموال سيادية، وعادة ما يكون الحجز على أموال الحكومة أي التابعة لوزارة المالية وليس التابعة للبنك المركزي، وهذا أيضا ينفي حاجة الوصاية الامريكية.

3 – سبب الإقليم

كثير من السياسيين ومسؤولين كبار أشاروا الى هذه الفقرة وكل متابع ومطلع بالشأن المالي يعلم ان هنالك مضاربين يشترون العملة الصعبة (الدولار) ويأخذوها الى الإقليم وهنالك يتم ترسيمها بشكل رسمي أي ان حكومة الإقليم هي مساهمه بشأن تهريب الأموال الى الخارج وهذا يعني ان حكومة الإقليم مساهمه أيضا برفع قيمة الدولار رغم ان البنك المركزي يبيع بالسعر الرسمي.

للعلم ان هذه العملية هي أيضا بسبب تهرب التجار من استخدام البنك المركزي بالتحويل المالي ومنع شركات التحويل وبذلك تلجا الى هذه الطريقة بان تشتري الدولار وتهربه الى الإقليم ومن ثم الى إسطنبول ودبي وغيرها، لكن ان تم منع ذلك، ويجب منعها لكن بالتضييق التدريجي، لان المنع سيؤدي الى توقف العملية التجارية ودخول السلع الى العراق وان تلك النتيجة تكون كارثية أيضا على المواطن لان حاجاته الضرورية ستقل بالسوق وبالتالي ترتفع قيمتها أيضا.

النتائج والاستنتاجات

ان الخطوة التي قامت بها أمريكا باستصدار قرار يضع مبيعات النفط العراقي في حساب لها فيه عدة اهداف تسعى امريكا لتحقيقها من ذلك وهي:

1- ضمان التعامل بالدولار الأمريكي في مبيعات النفط العراقي.

2- ان وضع أموال في البنك الفدرالي الأمريكي فيه عدة فوائد لهم وهي:

أ- ان أموال ضخمة بالبنك يعني دعم لذلك البنك

ب- فيه فائدة لاحتمالية اقراض البنك من ذلك المال بفوائد مقابل انها لا تدفع أي فائدة للعراق.

جـ- في نقله للعراق عدة يتم خصم أجور نقل الأموال وبالتالي تم افادة شركات تابعه لهم.

د- عند نقل الأموال يتم اخذ تامين على الأموال من عدة أمور منها السرقة والحريق وغيرها وكل تلك الأموال هي الأموال العراقية.

3- ان السيطرة على مبيعات النفط وتأسيس البنك المركزي ونافذة البيع المباشر من قبل السفير الأمريكي والحاكم للعراق ابان الاحتلال وهو بريمر كان القصد منه السيطرة الاقتصادية على العراق تماما.

4- ان صرف الأموال من البنك الفدرالي لا يكون الا بطلب من الحكومة – وزارة المالية بتفاصيل عن موارد صرف تلك الأموال وهذا يعني انها تتحكم في موارد الصرف داخل العراق وبالتالي ان حركة الاعمار مرهونة بالإرادة الامريكية وهذا ما شهدناه من تقييد الحكومة في مجال قطاع الكهرباء.

5- ان النظام المالي في العراق هو وسيلة ضغط للسيطرة على مسار الدولة وشكلها وهذا ما رأيناه في الضغط على الحكومة التي تشكلت في مطلع عام 2023 حتى أصبحت الحكومة طوع السفيرة الامريكية في بغداد وحتى ان السفيرة تلتقي بالمسؤولين بالدولة أكثر مما يلتقي رئيس الوزراء بهم.

التوصيات (الحلول)

حلول البنك المركزي العراق

ان الحلول التي طرحها البنك المركزي العراقي هو حل واحد فقط ولا يعالج المشكلة والحل هو بضخ الدولار عن طريق منافذ كثيرة كي تزيد من العرض وبالتالي يقل سعر الدولار، لكنها لم تعالج عزوف التجار من التعامل مع البنك المركزي والذهاب الى الصرافة وشركات التحويل المالي.

حلول مقترحة

1 – التعامل الالكتروني لعمليات الدفع في البيع والشراء والرواتب في غيرها، وهذا الامر سيتم في مطلع حزيران من هذا العام وان الحكومة اضافت مادة في مسودة قانون الموازنة العامة الاتحادية لهذا الامر. ان التعامل الالكتروني سيقلل بحدود النصف الى الثلثين من مبيعات البنك المركزي وسيقلل السيولة المالية التي تبلغ 110 تريليون دينار عراقي الى النصف وأكثر.

حيث ان الغرض الرئيسي من بيع العملة هي إيجاد السيولة المالية بالدينار، فان كان بائعة السلع بالتجزئة وكل المعاملات والأسواق لديهم أجهزة وحساب رصيد فانه:

  • الدولة لا تحتاج للسيولة
  • معرفة النشاط التجاري الحقيقي للأفراد والتجار
  • سهولة استقطاع الضريبة منهم
  • تقليل من حجم بيع العملة الصعبة بمزاد العملة.
  • سهولة تتبع المطلوبين للقضاء والذين يشترون أشياء قد تستخدم لأغراض إرهابية.

2 – تعزيز ثقة المواطن بالبنوك: ان حجم النقد لدى الافراد والحسابات الجارية والتي يطلق عليها بعرض النقد الضيق هو أكثر من 110 تريليون دينار لعام 2020 وان بحدود ثلثي المبلغ لدى المواطن وفي المنازل والسبب هو عدم ثقة المواطن في إيداع أمواله في البنوك الحكومية او الاهلية.

3 – ضخ المواد الضرورية كالسكر والطحين والزيت الى السوق عن طريق زيادة الحصة التموينية وبالتالي يزداد العراض فيقل السعر، وهذا يجب ان يكون بفترة وحجم معين كي لا يضر هذا الاجراء تجار القطاع الخاص.

4 – تقليل البيروقراطية الإدارية في إجراءات البنك المركزي وبقية البنوك والذي يجعل المواطن ينفر من إيداع أمواله وجعل الامر يتم (الإيداع والسحب) عن طريق الماستر كارد في جميع الأوقات ومن خلال الصراف الالي.

ان عملية إيداع الأموال في البنوك او سحبها، تكون بروتين قاتل ومعقد وممل والمواطن قد يهان من قبل الموظفين بالإضافة الى الابتزاز للحصول على رشاوي، والحل هو في استخدام الاتمته والتكنلوجيا الحديثة بحيث ان المواطن لا يتعامل لا مع أوراق او مع موظفين في السحب او الإيداع.

5 – تقليل او منع استيراد بعض السلع: ومن اهم تلك السلع هي السلع الكمالية وغير الضرورية كالأجهزة الالكترونية والملابس او السيارات ولفترة بسيطة حتى يعود سعر الصرف بالسوق الى السعر القديم.

6 – معالجة الامر خارجيا، ويتم بطريقين هما:

  • الذهاب بالتفاوض مع الامريكان لزيادة الأموال التي يتم تحويلها الى العراق، وهذه الخطوة ستتم من خلال زيارة بعض الوزراء قريبا.
  • إيداع الأموال بعملة مختلفة عن الدولار وهو الايوان عن طريق فتح حساب بالبنك الاسيوي للاستثمار الصيني واستغلال الفائض من العملة ان يتم إيداعه بهذا البنك وبالتالي تجنب مثل هذه المشاكل ولكن هذا الامر فيه تبعات سياسية وعلى القادة السياسيين إيجاد طريقة لإنجاز هذا الامر وخصوصا ان دول الجوار منها المملكة العربية السعودية مضت بهذا الامر.
  • فتح حساب في البنك الاسيوي لاستثمار في البنى التحتية لأنه الراعي الرسمي لطريق الحرير ومن الممكن ان يكون البديل عن البنك الدولي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى