تفسير آية

تفسير آية: والذین هم لاماناتهم وعهدهم راعون

قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾. سورة المؤمنون، الآية 8

تبيّن هذه الآية أوصاف المؤمنين المجاهدين وتبشّرهم بالفلاح والنجاة في الآخرة، وتحدّد أوصاف الإنسان الجميلة والفضائل الأخلاقية ومنها الأمانة والوفاء بالعهد. والملفت للنظر إنّ (الأمانات) الواردة في هذه الآية ذكرت بصورة الجمع، وهي إشارة إلى أنّ الأمانة لها أنواع وأشكال مختلفة. والكثير من المفسّرين ذكروا أنّ مفهوم الأمانة في هذه الآية لا يقتصر على الأمانة المالية بل يشمل الأمانات المعنوية كالقرآن الكريم والدين الإلهي والعبادات والوظائف الشرعية، وكذلك النعم الإلهية المختلفة على الإنسان في حركة الحياة المادية والمعنوية.

ومن هنا، يتّضح أنّ المؤمن الواقعي والإنسان الذي يتمتّع باللّياقة الكاملة هو الذي يتحرّك في سلوكه من موقع مراعاة الأمانة بصورها المختلفة ويهتّم بالحفاظ عليها من موقع المسؤولية وأداء الوظيفة. أمّا عطف الوفاء بالعهد على حفظ الأمانة فيبيّن هذه الحقيقة، وهي أنّ هذين المفهومين يعودان إلى جذر واحد ويشتركان في الأصل، لأنّ نقض العهد يعتبر نوعاً من الخيانة في العهد والميثاق، ورعاية الأمانة نوع من الوفاء بالعهد والميثاق أيضاً.

وتعبير (راعون) مأخوذ من مادّة (رعاية) وهي من مادّة (رعى) التي يُراد بها رعي الأغنام ومراقبتها في عملية سوقها إلى حيث الماء والكلأ في الصحراء، وهذا إنّما يدلّ على أنّ المقصود من هذه العبارة في الآية الكريمة هو أكثر من أداء الأمانة في مفهومها الظاهري، أي النظر والمحافظة والمراقبة للشيء من جميع الجوانب. وبديهي، أنّ الأمانة تارة تكون ذات بعد فردي وتسلّم بيد شخص معيّن (كالأمانات المالية التي يودعها الإنسان لدى الآخرين)، وتارة أخرى لها بعد جماعي مثل حفظ القرآن الكريم من التحريف والدفاع عن الإسلام والمحافظة على كيان الدول الإسلامية، فهي كلّها أمانات وضعت بيد المسلمين، وعليهم أن يتحرّكوا بصورة جماعية ويتكاتفوا فيما بينهم من أجل حفظ وصيانة هذه الأمانات الإلهية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى