ثقافة

الإمام الخميني: حفظ دماء الشهداء‏

كثيراً ما تحدث الإمام عن حفظ دماء الشهداء وحذر من هدر هذه الدماء الغالية وتضييعها، فما هي وظيفتها تجاه هذه الدماء، وكيف يكون حفظها؟

  • إحياء ذكراهم

يقول الإمام الخميني قدس سره: “اغتنموا هذه الأيام الكبرى، اغتنموا مثل أيام الأربعين وعاشوراء وأحيوا أيضاً أيام استشهاد أعزائنا مثل يوم مفتح رحمة الله عليه، هؤلاء الذين كانوا في خدمة الإسلام واستشهدوا على يد أعداء الإسلام”1.

“على الشعب الإيراني الشريف في جميع أنحاء إيران أن يحيي ذكرى الشهداء البواسل الذي أمنوا حياة الجمهورية الإسلامية وجلبوا لنا النصر بتضحياتهم”2.

إن الإمام يؤكد على ضرورة إحياء ذكر الشهداء بل ويحذر من نسيانهم وحذفهم من الذاكرة حيث يقول قدس سره: “إن كنت حياً بينكم أو لم أكن، فإني أوصيكم جميعاً: … لا تسمحوا أبداً للذين سبقوا نحو الشهادة المتقدمين بلبس زي الدم، أن يحالوا إلى النسيان في أزقة الحياة المعقدة”.

  •  زيارة قبورهم

يقول الإمام الخميني قدس سره: “هذه تربة الشهداء الطاهرة التي ستبقى على يوم القيام مزاراً للعاشقين والعارفين والمتيمين ودار الشفاء للأحرار”3. إذن من المطلوب الاستمرار على زيارة قبور الشهداء مهما تقلبت الظروف والأحوال إلى يوم القيامة.

ولهذه الزيارة أثرها المعنوي الكبير، فيكفي أنها دار الشفاء للأحرار، فالذي يمتلك في قلبه شعلة الحرية ورفض الذل، ستكون زيارة قبور هؤلاء الشهداء والارتباط بهم له أثره المعنوي الملحوظ والأساسي في تفعيل نور الحرية هذا وتقوية الإرادة والثبات.

  • حفظ عوائلهم

هناك جوانب مادية ينبغي الالتفات إليها وإيلائها الاهتمام الخاص، كأيتام الشهيد وعائلته التي كان يتكفلها، وقد أكدت الروايات عن أهل البيت عليهم السلام على استحباب إظهار العطف لهم والتحنن عليهم من الجهة المعنوية، وكذلك من يتكفلهم من الجهة المادية ويسد الفراغ المادي الذي قد يحصل نتيجة غياب معيلهم ورحيله من هذه الدار، وقد أشار الإمام الخميني قدس سره إلى هذا الموضوع وأكد عليه، حيث يقول: “على الشعب الإيراني الشريف في جميع أنحاء إيران… أن يسلّوا ذوي الشهداء ويتفقدوا أمورهم، ولو أن الألسنة والأقلام عاجزة عن وصف الشباب والكهول الأعزاء الذي أفدوا دماءهم وأرواحهم لإحياء الإسلام والوطن وإنقاذ البلاد من شر الأعداء والسفاكين، وإنها عاجزة أيضاً عن تسلي وتفقد أحوال الآباء والأمهات الذين ربوا في أحضانهم مثل هؤلاء الأولاد وقدموهم هدية للإسلام”4.

  • إيصال صوتهم وإبلاغ رسالتهم

يقول الإمام الخميني قدس سره: “آخر حديثي معكم يا من وجود وبقاء الجمهورية الإسلامية نتيجة دماء آبائكم، أن تبقوا لها أوفياء وتفدونها بحياتكم، وباستعدادكم وتصدير الثورة وإبلاغ رسالة الشهداء”5.

  • حفظ المنجزات

إن حفظ دماء الشهداء يكون بحفظ الثمار والنتائج التي قدموا ما قدموه للحصول عليها، فحفظ هذه النتائج هو حفظ لتلك الدماء، يقول الإمام الخميني قدس سره: “لقد قدمتم شهداء كثيرين لتحصلوا على الحرية والاستقلال بكل ما أوتيتم من قوة”6.

“أيها الشهداء، اطمئنوا في جوار الحق تعالى فإن شعبكم لن يتوانى عن النصر الذي جلبتموه له، ويا ذوي الشهداء وأيها المعلولين الأعزاء الذين ضمنتم الحياة الأبدية ببذل سلامتكم، اطمئنوا وثقوا فإن شعبكم عازم على حراسة حكومة الله إلى ظهور بقية الله ـ روحي فداه ـ حتى النصر”7.

  • متابعة الطريق

إن الشهيد بفضل جهاده وتعبه ودمائه كان يتقدم بالأمة نحو الأمام، فعلينا أن لا نكتفي بعد استشهاده بالوقوف مكاننا والحفاظ على المنجزات، بل علينا أن نستمر بالمسيرة إلى الأمام أيضاً، فالحفاظ على المنجزات مطلوب ولكنه غير كافي، علينا أن نتقدم ونتابع الطريق التي كان يسيرها الشهيد إلى الأمام، يقول الإمام الخميني قدس سره: “على الشعب الإيراني وخاصة القوى المسلحة، أن يحيوا بشجاعتهم وقوتهم وجهادهم وسعيهم المتواصل، ذكر الشهداء ويتبعوا النصر تلو النصر في الجبهات وخلف الجبهات ويتحركوا إلى الأمام”8.

“أدعوا الله تعالى أن يكرمنا جميعاً توفيق تحمل المصائب ويمنحنا القدرة لمتابعة مسيرة الشهداء النيّر أكثر من قبل، ويرد كيد الظالمين إلى نحورهم، ويثبت أقدام الشعب الإسلامي المكرم في مسير الجهاد والشهادة”9.

  • كلمة أخيرة

لا شك بأن دماء الشهداء أمنت حياة الثورة والإسلام. لقد أعطت دماء الشهداء دروس الصمود وللأبد، لجميع أهل العالم، والله يعلم أن نهج الشهادة لن يُمحى ولن يزول، وهذه الشعوب والأجيال القادمة سوف يقتدون بسبيل الشهداء ونهجهم.

ـــــــــــــــــ

1- صحيفة النور، ج15، ص266.

2- صحيفة النور، ج17، ص34.

3- صحيفة النور، ج20.

4- صحيفة النور، ج17، ص34.

5- صحيفة النور، ج19، ص296.

6- صحيفة النور، ج15، ص266.

7- صحيفة النور، ج14، ص39.

8- صحيفة النور، ج15، ص171.

9- صحيفة النور، ج21، ص9.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى