تفسير آية

تفسير آية: لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون

قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾. سورة الأنفال، الآية 27

إنّ (الأمانات) الواردة في هذه الآية ذكرت بصورة الجمع الآية كما هو واضح تنهى عن ثلاثة أشياء مخاطبة المؤمنين في هذا النهي وهي: خيانة الله، خيانة الرسول، خيانة أمانات الناس.

الخيانة هي نقض الأمانة التي هي حفظ الأمن لحق من الحقوق بعهد أو وصية ونحو ذلك. قال الراغب: الخِيَانَة والنّفاق واحد، إلا أنّ الخيانة تقال اعتباراً بالعهد والأمانة، والنّفاق يقال اعتباراً بالدّين، ثم يتداخلان، فالخيانة: مخالفة الحقّ بنقض العهد في السّرّ. ونقيض الخيانة: الأمانة، يقال: خُنْتُ فلاناً، وخنت أمانة فلان، وعلى ذلك قوله: ﴿لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ﴾.

فقوله: ﴿لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ﴾ نهي عن خيانة أمانة الله ورسوله وهي بعينها خيانة لأمانة المؤمنين أنفسهم، فإن من الأمانة ما هو أمانة الله سبحانه عند الناس كأحكامه المشرعة من عنده، ومنها ما هو أمانة الرسول كسيرته الحسنة، ومنها ما هو أمانة الناس بعضهم عند بعض كالأمانات من أموالهم أو اسرارهم، ومنها ما يشترك فيه الله ورسوله والمؤمنون، وهي الأمور التي أمر بها الله سبحانه وأجراها الرسول وينتفع بها الناس ويقوم بها صلب مجتمعهم كالأسرار السياسية والمقاصد الحربية التي تضيع بإفشائها آمال الدين وتضلّ بإذاعتها مساعي الحكومة الإسلامية فيبطل به حقّ الله ورسوله ويعود ضرره إلى عامة المؤمنين.

فهذا النوع من الأمانة خيانته خيانة لله ورسوله وللمؤمنين. فالخائن بهذه الخيانة يخون الله والرسول وهو يعلم أنّ هذه الأمانة التي يخونها أمانة لنفسه ولسائر إخوانه المؤمنين، وهو يخون أمانة نفسه. فالمراد بقوله: ﴿وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ أي وتخونوا في ضمن خيانة الله والرسول أماناتكم، والحال إنّكم تعلمون أنّها أمانات أنفسكم ومع هذا تخونونها. وأيّ عاقل يقدم على خيانة أمانة نفسه والإضرار بما لا يعود إلّا إلى شخصه في نهاية المطاف؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى